الثلاثاء 31 أغسطس 2010
كان يهود المدينة يؤمنون أن النبي صلى الله عليه وسلم هو نبي آخر الزمان إلا أن قدومه من نسل إسماعيل أشعل في قلوبهم الغيرة والعناد والصلف والكفر.
ولما كانت التوراة التي بين أيديهم تخبر عن مواصفات الرسول القادم .. ولما كانت التوراة مدونة بالعبرية ولم تترجم بعد إلي العربية.. حيث تمت الترجمة في عام 1857 ( ترجمة فاندايك وسميث).. ولما كانت أمة العرب أمة أمية.. ولما كان العرب يتكلمون العربية ولا يجيدون العبرية .. ولما كانت حيازة التوراة حتى بالعبرية مقصورة على أحبار اليهود فقط.. فقاموا بالتعديل والتغيير ليس فقط في مواصفات النبي القادم .. إنما في كل ما جاء به الإسلام وورد في التوراة المعدلة سلفاً قبل قدوم النبي لأسباب يهودية لا تتعلق فقط بقدومه علية الصلاة والسلام.
ورغم التعديلات التي خضع لها كل الكتاب إلا أن كبر حجمه جعل التعديل الشامل عن طريق الحذف صعباً عليهم أو شبه مستحيل.. ونظراً لتشعب بعض المواد الواجب تعديلها في كل الأسفار مما يعني حذف الكثير.. فقد قاموا بتعديل الألفاظ مع بقاء جوهر المادة المعدلة نظراً لكثرتها.. ونظراً لأن الكتاب هو كتاب الله ولابد من قيام الحجة من الله على الأقل على الأجيال التي جاءت بعد التعديل وبعد ظهور الإسلام.
ونظراً لأنني مسلم ولإيماني أن القرآن هو أصدق كتاب يحكي تاريخ بني إسرائيل فقد ورد فيه إخراج اليهود "للزكاة" لفظاً ومعنى ولم ترد فيه كلمة عشور على الإطلاق رغم وجود العشور في واقع الحياة آنذاك أثناء نزول القرآن "وهي ضريبة التجارة الخارجية في دولة الرومان" ووردها أيضاً في الكتاب المقدس الذي قيل ويقال أن النبي محمد نقل منه نقل مسطرة..!!!
{وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً }مريم55
النص يخبر عن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام مما يعني أن الزكاة كانت معروفة منذ أيام إبراهيم الذي أعطي العشور للكاهن ملكي صادق كما ذكر سفر التكوين التوراتي.
وَمَلْكِي صَادِقُ، مَلِكُ شَالِيمَ، أَخْرَجَ خُبْزًا وَخَمْرًا. وَكَانَ كَاهِنًا ِللهِ الْعَلِيِّ.19وَبَارَكَهُ وَقَالَ: "مُبَارَكٌ أَبْرَامُ مِنَ اللهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ،20وَمُبَارَكٌ اللهُ الْعَلِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ أَعْدَاءَكَ فِي يَدِكَ". فَأَعْطَاهُ عُشْرًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. التكوين 14
{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ }الأنبياء73
النص يخبر عن اسحق ويعقوب.
{وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ}المائدة12
النص يخبر عن بني إسرائيل بعد الخروج من مصر.
{وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً }مريم31
النص يخبر عن كلام المسيح في المهد.
ومما يثير العجب هو ورود كلمة زكاة نصاً ومعنى في سفر العدد من التوراة وهو السفر الرابع من خمسة أسفار وزوالها تماماً من باقي أسفار الكتاب المقدس وحل محلها كلمات بكور وعشور ونذور..!!!
- وَارْفَعْ زَكَاةً لِلرَّبِّ. مِنْ رِجَالِ الْحَرْبِ الْخَارِجِينَ إِلَى الْقِتَالِ وَاحِدَةً. نَفْسًا مِنْ كُلِّ خَمْسِ مِئَةٍ مِنَ النَّاسِ وَالْبَقَرِ وَالْحَمِيرِ وَالْغَنَمِ. العدد 31:28
- وَكَانَتِ الزَّكَاةُ لِلرَّبِّ مِنَ الْغَنَمِ سِتَّ مِئَةٍ وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ، العدد 31:37
- فَأَعْطَى مُوسَى الزَّكَاةَ رَفِيعَةَ الرَّبِّ لأَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ كَمَا أَمَرَالرَّبُّ مُوسَى.العدد 31:41
ويبدو أن كلمتي بكور وعشور كانتا صنفين من أصناف الزكاة تلك الكلمة التي تم محوها من أغلب الكتاب بعد ظهور الإسلام وتم ترك المواضع الثلاث السابقة لأن حذفها مخل بالسياق وتم تفسيرها أنها رفائع للرب أي ( محرقات ) .. وإذا سلمنا أن المعني محرقات بالنسبة للحيوان فكيف يكون حرق الإنسان..؟؟ والمخرج الوحيد الباقي هو أن الزكاة لم تكن مفروضة في سفر العدد وهو سابق علي السفر الذي أقرت فيه شريعة موسي "التثنية" والذي تم فيه فرض العشور.. إلا أن القول بشريعة موسي لا يسقط صحة أسبقية وفرضية أداء إبراهيم واسحق ويعقوب للعشور والنذور والبكور. "الزكاة"
وَالْبَقَرُ سِتَّةً وَثَلاَثِينَ أَلْفًا، وَزَكَاتُهَا لِلرَّبِّ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ.العدد 31:38
وَالْحَمِيرُ ثَلاَثِينَ أَلْفًا وَخَمْسَ مِئَةٍ، وَزَكَاتُهَا لِلرَّبِّ وَاحِدًا وَسِتِّينَ.العدد 31:39
وَنُفُوسُ النَّاسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَزَكَاتُهَا لِلرَّبِّ اثْنَيْنِ وَثَلاَثِينَ نَفْسًا. العدد 31:40
وبعد محو كلمة زكاة مما يلي سفر العدد إلا أنه وفي عصر لاحق سقط محو الفعل"يزكي" سهواً من سفر يشوع بن سيراخ وهو من الأسفار التي كتبت في عصر يهودي متأخر 190-170ق.م.
"من أحب الذهب لا يزكى و من اتبع الفساد يشبع منه. سيراخ 31-5 مع
وحتى لا يتحول البحث إلي جدل فقط .. فسنقبل كلمة العشور على أنها كانت تعني الزكاة الحالية الإسلامية وترجمها المترجم مساقاً من الروح القدس لمخالفة الوثنيين المسلمين..!!! مع ملاحظة تخفيف الإسلام للنسبة الكاملة الموحدة من العشور(10%) إلي نسبة من العشور (5%)وعشور كاملة في حالة واحدة هي محاصيل الأمطار.
وبما أن السيد المسيح لم ينقض العهد القديم " لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ" متى 5:17.. وبما أن شريعة موسي تحتوي على العشور " تعشيرا تعشر كل محصول زرعك الذي يخرج من الحقل سنة بسنة ... عشر حنطتك و خمرك و زيتك و ابكار بقرك و غنمك لكي تتعلم ان تتقي الرب الهك كل الايام تث 14 : 22-23 ".فلم يتكلم السيد المسيح عن نسخها بل تكلم عن الصدقة فقط التي هي من باب الإحسان الخالص وبمعزل وزيادة عن الفريضة المفروضة والمعترف بها في العهد القديم الذي لم ينقضه:
" إن لم يزد بركم على الكتبة و الفريسيين لن تدخلوا ملكوت السماوات. مت 5 : 20"
11أَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَوَقَفَ يُصَلِّي فِي نَفْسِهِ هكَذَا: اَللّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ، وَلاَ مِثْلَ هذَا الْعَشَّارِ. 12أَصُومُ مَرَّتَيْنِ فِي الأُسْبُوعِ، وَأُعَشِّرُ كُلَّ مَا أَقْتَنِيهِ. لوقا 18
"بَلْ أَعْطُوا مَا عِنْدَكُمْ صَدَقَةً" لوقا 11-41
"يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ: اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي" مرقص 10-21
8فَوَقَفَ زَكَّا وَقَالَ لِلرَّبِّ:"هَا أَنَا يَارَبُّ أُعْطِي نِصْفَ أَمْوَالِي لِلْمَسَاكِينِ، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ". 9فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:"الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهذَا الْبَيْتِ، إِذْ هُوَ أَيْضًا ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، لوقا 19
لذلك ومما سبق يثبت أن العشور بالمعني اليهودي المسيحي أو الزكاة بالمعني الإسلامي هي فريضة يهودية مسيحية إسلامية .. ولم يسقطها السيد المسيح بل زاد عليها بالإحسان إلي 100% من رأس المال.
ولا أري أن قول بولس في كورونثوس الأولي 2:16 "ما تيسر" " فِي كُلِّ أَوَّلِ أُسْبُوعٍ، لِيَضَعْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عِنْدَهُ، خَازِنًا مَا تَيَسَّرَ، حَتَّى إِذَا جِئْتُ لاَ يَكُونُ جَمْعٌ حِينَئِذٍ." لا أري أنه يعلو على شريعة العهد القديم أو على موافقة السيد المسيح على نفس الشريعة بقوله ما جئت لأنقض.. أما بولس فقد كان يقصد بالتأكيد أن ما تيسر خاص للكنيسة بخلاف ما تم فرضه للفقراء من الناس بالعشور.
بناء على ما سبق يتضح أن الزكاة في اليهودية والإسلام والمسيحية هي فريضة منصوص عليها في الديانات الثلاث .. تخففت المسيحية من فرضيتها كما تخففت من الكثير من الفرائض مثل الصوم وتحويله إلي صوم نباتي بديلاً عن صوم الانقطاع الأصلي .. وكذلك الصلاة من سجود وركوع وتحويلها إلي كلمات وإيمائه.. وشهادة أن لا إله إلا الله وتقسيمها على ثلاث .. والحج الذي تم محوه تماماً لما كانت الكعبة في الأرض العربية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يشرفنى اضافة تعليقك على الموضوع سواء نقد او شكر