د. حلمي محمد القاعود
|
14-09-2010 23:56
يتصور
بعض الناس أن القضية مع دولة الكنيسة الأرثوذكسية ، تكمن فيما يسمى تطرف
الجانبين المسلم والمسيحي ، ويتطوعون في أية حادثة تجري بين الطرفين
بإدانة الطرف الإسلامي ، ووصمه باضطهاد الأقلية وحرمانها من بناء الكنائس
، والوظائف العليا وعدم انتخاب النصارى في المجالس النيابية والشعبية
والتمييز بينهم في مجالات متعددة ، بالإضافة إلى إدانة المادة الثانية من
الدستور ، مع طرح ضرورة أن يترشح مسيحي لكي يكون إماما للمسلمين ورئيسا
للدولة الإسلامية عملا بمبدأ المساواة !
لا يتطرق أحد من هؤلاء
إطلاقا إلى ما تقوم به الكنيسة ، من استقواء بالدول الكبرى ، وفصل الطائفة
عن بقية الشعب العربي المسلم ، البيئة الحاضنة والطبيعية للطائفة ، ومصدر
نموها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، هذا الفصل الذي صار حقيقة تتمثل في
ارتباط النصراني بالكنيسة ارتباط الوليد بالحبل السري .. فالكنيسة
المفتوحة على مدار الساعة هي ملجأ النصراني في حياته اليومية والسياسية
والروحية , وهي الدولة الواقعية على الأرض التي تديرها حكومة العباسية بكل
ثقة واستعلاء .
ولا يتطرق أحد من هؤلاء إطلاقا إلى ممارسات رأس
الكنيسة منذ وصوله إلى سدة الحكم في دولة العباسية كرئيس موازي لرئيس مصر
العربية المسلمة ، وليس رئيسا لدولة الكنيسة وحدها ، يأمر وينهي كما يريد
، لا يعترضه أحد ولا يتصدى له دستور أو قانون ، وكان صدامه مع السلطة في
عهد الرئيس السادات بداية لاختبار القوة مع السلطة التي كانت تحمل بعض
التماسك ، فوقفت لمنهجه في تغيير هوية الدولة ببناء الكنائس العملاقة أو
القلاع العالية غير المشروعة ، بل عزلته من منصبه بقرار جمهوري لم يتغير
حتى اليوم ، ولكنه حوّل أذرعه الداخلية والخارجية لإهانة المسلمين والنظام
الذي يحميه ويتعاطف معه أو يتراضخ له ، وعن طريق لعبة العصا والجزرة ،
استطاع أن يحقق كثيرا من الامتيازات غير المشروعة لدولته الطائفية ، سواء
في التعليم أو الإعلام أو الثقافة أو الأراضي أو بناء القلاع الضخمة ، مع
تخويف الكتاب والمفكرين والباحثين الذين يتناولون المسيحية في مقارنة
الأديان ، وهناك جيش عرمرم من المحامين - بعضهم أنشأ ما يسمى بمراكز حقوق
الإنسان التي يمولها الغرب - تنهض في مواجهة كل من يقترب من المسيحية ،
ووصلت الصفاقة ببعض الخونة إلى المطالبة بإلغاء سورة الفاتحة وبعض الآيات
القرآنية لأنها تتناول النصارى ، أو تتحدث عن عدم ألوهية المسيح عليه
السلام !
بعض الناس ينحازون إلى رأس الكنيسة لأسباب معروفة ، أو
غير معروفة لدرجة أن وصفه بعضهم بأنه رجل بحجم أمة ، مع أن القرآن الكريم
قصر هذا الوصف الإلهي على سيدنا إبراهيم عليه السلام " إن إبراهيم كان أمة
قانتا لله حنيفا ، ولم يك من المشركين ، شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى
صراط مستقيم " ( النحل :120 - 121 ).
لم يتحرك هؤلاء عندما انطلقت
– ولما تزل – أذرع الخيانة الطائفية في داخل مصر وخارجها تستغيث بالسفاح
النازي اليهودي ليبرمان ، وتستنجد به ليحتل مصر ويخلص النصارى من احتلال
المسلمين ، ولم يتحرك هؤلاء يوم استغاثت بالسفاح النازي اليهودي شارون
ليؤدب العرب البدو الغزاة من المسلمين المصريين ، ولم يتحرك هؤلاء يوم ذهب
أسقف إلى أميركا وأعلن في محاضرة له روجت لها أجهزة الإعلام الاستعمارية
الصليبية ، ويقول فيها إنه يشعر بالعار حين يوصف بأنه عربي (؟!!) ، ويشعر
بالعار حين يتكلم العربية ، ويقول إن العربية ليست لغة المصريين ، ولكنها
لغة المحتلين ، أما لغة المصريين الذين قصرهم الاسقف على من ينتسبون إلى
النصرانية فهي الهيروغليفية .
لم ينتفض هؤلاء الكتاب حين قام ذراع
من أذرع الكنيسة بكتابة " تيس عزازيل " ليسبّ النبي محمدا – صلى الله عليه
وسلم- ويزري به ويفتري عليه ، ثم هرب إلى أميركا ليواصل طعنه في الإسلام
والمسلمين ، ونبيهم – صلى الله عليه وسلم – ويدعو إلى تحرير مصر من ثمانين
مليون مسلم لتكون مصر لأهلها الأصليين كما يزعم الخائن !
في ذكرى
الحادي عشر من سبتمبر الذي تم فيه تدمير مبني التجارة العالمية بنيويورك
قام المتعصبون الصليبيون الأميركيون الهمج بالدعوة إلى إحراق القرآن ومنع
بناء مسجد هناك .. وأبى الخونة بالمهجر إلا المشاركة في هذه الجريمة
البدائية الوحشية ، وقاموا بمظاهرة يستنكرون فيها أن يقف الرئيس أوباما ضد
هذا العمل المشين ، وسوف أنقل ما ذكرته جريدة "اليوم السابع " الموالية
للطائفة ليعرف القراء حجم الجريمة التي ترتكبها الطائفة علنا وعلى رءوس
الأشهاد :
قالت جريدة اليوم السابع ( 12/9/2010م):
"نظمت
قناة الطريق المسيحية برئاسة جوزيف نصر الله يوم الجمعة الماضي مظاهرة
أمام مبنى الصحافة الدولي بالعاصمة الأمريكية بواشنطن، وشارك فيها الاتحاد
العالمي للمسيحيين والهيئة القبطية الأمريكية برئاسة منير داود ، وقناة
الحقيقة المسيحية برئاسة إيليا أحمد أباظة وعدد من الأقباط المصريين من
نيويورك وواشنطن ونيوجرسي وبنسلفانيا وفيلادلفيا . ردد المتظاهرون شعارات
انتقاد لأوباما بسبب إدانته إعلان القس المسيحي تيرى جونز عن عزمه حرق
المصحف الشريف، وهتفوا "العار العار عليك يا أوباما".
كما أرسل
المتظاهرون رسالة للرئيس الأمريكي يتهمونه فيها بالانحياز للمسلمين
والدفاع عنهم، في حين لم يتحرك دفاعا عن المسيحيين العرب ضد الاعتداءات
عليهم وعلى كنائسهم وخطف بناتهم!" .
ثم تأمل هذا الخبر الذي
نشرته الصحيفة نفسها الموالية للطائفة في 1/9/2010م ، عن موقف أذرع
الخيانة في أثناء زيارة الرئيس مبارك لواشنطن :وتأمل مقولات الخونة عن
إلغاء الانتماءات غير المصرية ، والعرق النقي ، والجدود الأقباط ،
والتفاوض مع الرئيس على الكوتة المسيحية ( التي تمثل 25% ) ، واتهام الحزب
الوطني بشن حرب دينية على المسيحيين وتكفيرهم . تقول الصحيفة :
"
دعت حركة تابعة لأقباط المهجر بأمريكا تسمى حركة "شركاء من أجل الوطن"، في
بيان لها الرئيس الأمريكي بارك أوباما إلى تقديم الدعم السياسي الكامل
لترشيح جمال مبارك لرئاسة الجمهورية في الانتخابات المقررة في العام
القادم ، دون النظر لكونه نجل رئيس الجمهورية من عدمه، وطالبت بأن يكون من
بين المرشحين مرشح مسيحي "يمثل سكان مصر الأصليين"، على حد قولها.
وطالبت
الحركة، التي تصف نفسها بأنها أول حركة قبطية سياسية في مصر تأسست قبل
أربع سنوات، كافة النشطاء المسيحيين في دول العالم إلى تقديم الدعم الكامل
لترشيح جمال مبارك، على أن "تلغى كافة الانتماءات غير المصرية التي ورطتنا
فيها جماعة الإخوان المسلمين مثل "الأمة العربية والأمة الإسلامية"، على
حد وصفها.
وناشدت الحركة كافة القيادات المسيحية وحسن استقبال
الرئيس مبارك، وإن "أراد أحد التظاهر فيكون بما يليق بالأقباط، العرق
النقي، وأحفاد الفراعنة أصحاب حضارة السبعة آلاف عام ، على أن تكون أدوات
الاحتجاج والتظاهر راقية كما تعودنا من آبائنا وجدودنا الأقباط طوال
تاريخنا الذي يتجاوز ألفى عام هي عمر إيماننا المسيحي"، حسب تعبيرها.
ودعت
الحركة ما سمتهم النشطاء "الأقباط المعتدلين" إلى الجلوس مع الرئيس حسنى
مبارك والتفاوض معه (؟!) على كوتة للمسيحيين في مجلس الشعب بنسبة تمثيل
25%، بعد ما أكدت أن هذه هي النسبة الحقيقية للمسيحيين في الداخل والخارج
(؟!) , وأن يصبح لنساء المسيحيين النسبة ذاتها من "كوتة المرأة"، البالغ
عدد مقاعدها 64 مقعدًا.
وحمل البيان اتهامات لأعضاء وقادة الحزب
"الوطني" بشن "حرب دينية" على المسيحيين و"تكفيرهم دينيا"، واختتم قائلاً
"دام الأقباط في خدمة وطنهم محافظين عليه خلال أقدم وأعرق مؤسساته الوطنية
الكنيسة القبطية الأرثوذكسية".
هل القضية الآن هي قضية كاميليا
التي تم أسرها بالمخالفة للقانون مع غيرها فحسب ؟ أم قضية تطرف على
الجانبين ؟ أم جريمة ضد وطن وأمة ودين الأغلبية الساحقة ؟
من
المؤكد أن القضية ليست جريمة كاميليا التي اختطفها الأمن وسلمها إلى دولة
العباسية لتفعل بها ما تشاء ، وتختزل قضيتها في كونها أسلمت أو بقيت على
مسيحيتها ، وليست في الشريط الذي نسب إليها وشددت فيه «كاميليا» على
ارتباطها بالكنيسة، وأداء الصلاة بها والتناول والاعتراف من الأب الكاهن
الذي تتبعه، وقالت فيه أيضا: «أنا أتحدث إليكم بكامل حريتي ، ودون أي ضغط
أو تخويف، وظهوري من أجل الدفاع عن زوجي وطفلي وكنيستي وديانتي». وأضافت
«سمعت أنني محبوسة، وأعذب، وحدث لي غسيل مخ، ولكنني أؤكد لكم أنني في مكان
آمن لأريح أعصابي من الكلام الذي قيل».وأكدت على أن الكنيسة لا تجبر أحداً
على البقاء في المسيحية أو الدخول فيها ولا يوجد بها صعق بالكهرباء، أو
أدوية هلوسة أو غسيل مخ، ونفت أن تكون أسلمت من عام ونصف، أو أقامت حفلة
في المدرسة التي تعمل بها قائلة «أعمل في هذه المدرسة منذ أقل من عام،
وانتظر أن يقال بأنني أسلمت منذ طفولتي»( المصري اليوم 10/6/2010م ).
إن
سيدة الشريط المصور تتكلم عن راحة الأعصاب في دولة العباسية ، وتنفي ما
قاله الكهنة أنفسهم عن غسيل المغسول ، وأنها ( اتجننت ) ، وأنها لا تستطيع
أن تواجه الناس ؟
القضية أكبر من ذلك كله ، وأكبر مما يسمى التطرف
على الجانبين ، لأنها ترتبط بكنيسة تستخدم جزرة تأييد النظام وترشيح جمال
مبارك رئيسا للجمهورية ، وعصا التظاهر ضد النظام ورئيس الدولة عن طريق
أقباط المهجر وأقباط الداخل أيضا ، وأظن أن أحدا لا يصدق أن شخصا واحدا
يمكن أن يتصرف سياسيا دون موافقة الكاهن صراحة أوضمنا ، فكلهم يعملون
بتوجيهه ، ويتحركون وفقا لتوزيع الأدوار عليهم معتقدين أنهم العرق النقي ،
وأنهم أصحاب البلد ، وأن الانتماءات العربية والإسلامية يجب أن تلغى !!
هل يمكن يا سادة أن تواجهوا الكاهن المستقوي بالخارج وتخطيطه ضد الشعب العرب المسلم ، بل ضد طائفته نفسها ؟
_المصدر: جريدة المصريون |
|