لا يستطيع الإنسان أن يخفى إعجابه بطريقة عمل من يبشرون بعقائدهم المخالفة للإسلام .. نعم ما يبشرون به هو الفكر والضلال والبهتان ، لكن طريقة عملهم هى ما يُعجب بها المرء ويتمنى لو أن أمتنا صارت تتعامل بمثل طرقهم .. فلا يمنعنا الخلاف العقائدى معهم أن ننكر حسن أسلوبهم فى طريقة عرض دينهم ..يقول الحق سبحانه وتعالى :
" وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى " ( المائدة : 8 )
وعندما ترى امرأة مثل النصرانية البروتستانتينية الأمريكية " جويس ماير " تصاب بدهشة من عمل هذه السيدة التى تحاول بكل طريقة وأية وسيلة أن تحول فسيخ كتابها المقدس إلى شربات ، وتخصص ملايين الدولارات من ثروتها لنشر محاضراتها وكتبها التى تتعمد إغفال العهد القديم وتقديم خطاب إعلامى يكاد يكون يتلخص فى " الموعظة على الجبل " وبعض المزامير ، ومخاطبة الشرائح الفقيرة البائسة المهمّشة ، والعزف على أوتار القلق والإحباط والاكتئاب و " مساعدة المجروحين " .. ومن باب مساعدة المجروحين يكون التنصير .. فالفقير الذى يكاد يصاب بالجنون عندما يرى غلاء الأسعار وأنه لا يستطيع الحصول على قوت يومه ، هو على أتم استعداد للتنصر من أجل الأموال .. والمصاب باكتئاب لا فرق لديه بين الانتقال من الإسلام إلى النصرانية .. والقلِق على استعداد أن يحتضن من يفتح له ذراعيه ليبشره بالأمن والأمان .والفتاة التى فشلت فى الارتباط بزميلها أو جارها وتريد الانتحار ، من السهل أن تتنصر .. لذلك فإن عمل جويس ماير يرتكز حول مساعدة المجروحين ، وهى فئات عريضة للغاية وللأسف لا أحد يشعر بذلك .. وعندما تتنصر هذه الفئات فإنها تصطنع شعورا بالراحة النفسية .. فالمديون الفقير صار يملك الأموال .. والمكتئب وجد من يسمعه ولا يسخر منه وتقبل جميع كلماته مهما كانت تفاهتها وسفاهتها .. والقلِق وجد من يستخرج له تأشيرة ويقوم بتسفيره إلى كندا و أمريكا و أستراليا ليعيش هناك بعيدا عن أية مشكلات كان يعانى منها فى بلده ..
تأمل حالة جويس ماير ومنظماتها التنصيرية وخطابها الذى يدغدغ مشاعر الفئات المحبطة الفقيرة المهمّشة المكتئبة .. ثم تأمل فى حال مؤسسات إسلامية ضخمة اكتفت بالمشاهدة !
تأمل حالة جويس ماير ، ثم تنقل بين قنوات النايل سات لترى أن بضعة مليارديرات من المسلمين خصصوا بلايينهم العديدة لإنشاء قنوات الأغانى والأفلام والمسلسلات والرقص والكرة والمنوعات والمسرحيات والقنوات الإخبارية الموجهة التى تتبنى وجهة نظر الغرب ..
ملاييين الدولارات يتم إنفاقها عبثا وسفها ، تكفى لإطعام ملايين الفقراء الذين تستهدفهم منظمات جويس ماير ورفاقها ..
ملايين الدولارات كفيلة بإنشاء مشروع إسلامى ضخم يقوم على فضائيات ومؤسسات وحملات تبشيرية تعرف سكان العالم بالإسلام ونشر صورته الصحيحة ..
ملايين الدولارات ، تكفى لوضع خريطة طريق لنشر الإسلام فى أمريكا الجنوبية التى توغل فيها التنصير بصورة غير مسبوقة فى ظل تخاذل من المؤسسات الرسمية الإسلامية ..
ملايين الدولارات ينفقها بليونيرات المسلمين من أجل " الهشك بشك " بينما ماير تعبث بالعقول والقلوب ..
ماذا لو كانت هناك سيدة مسلمة مثل " جويس ماير " تتبنى منظمات ومشاريع إسلامية لنشر الإسلام وإرسال الكتب التى تعرف بالإسلام مجانا حتى البيوت ...
كنا فى معرض القاهرة الدولى للكتاب منذ سنوات .. وكان برفقتنا صديق ميسور الحال يتمتع بخفة ظل و يحب القراءة للغاية ، ويشترى ما يلزمه على مقدار أمواله القليلة .. دخلنا إحدى دور النشر .. أُعجب صديقنا بالكتاب الذى يتحدث عن أساس عقيدة التثليث وكيف أنها وثنية .. ذهب الصديق خفيف الظل إلى صاحب الدار وقال له : سمعت أن هذا الكتاب يُمنح مجانا للراغبين ! رد صاحب الدار بغلظة وفظاظة : مين اللى قالك كده ؟ معندناش حاجة ببلاش .. الكتاب بأربعين جنيه !
كان الصديق يقصد أن يأخذ الكتاب بثمن مخفض .. لم يكن يقصد ما فهمه صاحب الدار المتجهم .. تركنا الدار .. وبعدها بقليل وجدنا فتيات قبطيات يبتسمن لنا .. بل وجاءت إحداهن لتقول : اتفضلوا .. إن شاء الله الكتب هتعجبكم .. دخلنا ، لنجد اهتماما ملحوظا بنا .. كأنهم يعرفون أننا مسلمون .. ظللنا نستمع : ده الكتاب المقدس وفيه كذا وكذا وعليه خصم ..... دى الترجمة الفلانية ... تنظر فى الركن تجد شابا يبتسم وهو يراقب الحديث .. دى اسطوانات لأبونا فلان وعليها كل الوعظات .... الفتاة تتحدث بلا كلل ولا ملل .. لا تتحدث بفظاظة وغلظة .. كانت تريد أن تعطينا كتيبات مجانية عن " الخلاص " و " الفداء " .. إلا أننا رفضنا وانسحبنا ونحن تلفنا الدهشة من طريقة تعامل هؤلاء النصارى مع الزبائن .. استمرت دهشتنا عندما دخلنا دار أخرى لناشر يطبع كتب الطبخ والجنس وتدليك البروستاتا وكيف تقضى شهر العسل وأجمل ما غنى عبدالحليم حافظ وأحلى عشرين قصيدة حب لنزار قبانى ، وبجوار هذه الكتب تجد كتب مقارنة الأديان ! قابلنا بوجه عبوس .. لو سمحتم يا حضرات مفيش فصال ..!
سبحان الله ! أهل الباطل يتجملون ويتزيّنون .. بينما الذين يُفترض أن يكونوا قدوة لأهل الأرض ينفّرون الناس ويشوهون صورة الإسلام ..
ماذا لو كان هناك مليونيرا مسلما يتبنى طباعة كتب مقارنة الأديان وبيعها بأسعار رمزية ، ومنحها مجانا لمن يحتاجها وعلى الأخص النصارى كما يفعلون هم معنا ؟؟
ماذا لو كان هناك مليونيرا مسلما يتبنى مشروع إرسال القرآن الكريم لأى نصرانى يطلبه كما يقومون هم بإرسال كتابهم المقدس للبسطاء فى بيوتهم ؟؟
ماذا لو كان هناك مليونيرا مسلما يرعى ويمول فضائيات إسلامية متخصصة فى الرد على الافتراءات التى تثار حول الإسلام العظيم ونقد كتابهم المقدس وإظهار حقيقته أمام الناس ودعم المسلمين الجدد ؟؟
ماذا لو كان مليونيرا مسلما يخصص جناحا فى معرض الكتاب للرد على ما تقوم به الهيئات التنصيرية الإنجيلية والأرثوذكسية وأن يعطى القرآن الكريم لكل قبطى يدخل الجناح ؟؟
ماذا لو كان هناك مليونيرا مسلما يدعم ويمول المواقع الإسلامية التى تبشر بالإسلام وتفضح حقيقة النصرانية ؟؟
كم أتمنى أن يكون هناك مليونيرا مسلما من ينافح عن عقيدته مثلما تنافح جويس ماير عن عقيدتها الباطلة .. ولله الأمر من قبل ومن بعد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يشرفنى اضافة تعليقك على الموضوع سواء نقد او شكر