تفكيك دولة العباسية:
. حلمي محمد القاعود | 12-10-2010 23:39
من الطبيعي في أي بلد متحضر عريق مثل مصر ، أن تكون فيه دولة واحدة وسلطة واحدة وقيادة واحدة ، ولكن أن تكون فيه دولتان وسلطتان وقيادتان ، فهذا أمر غير طبيعي ، وغير مقبول بأي مقياس . .
يعترف العالم من خلال الأمم المتحدة والعواصم المختلفة بدولة مصر العربية ، وحكومتها ، ورئيسها ، ويتعاملون مع المصريين على هذا الأساس .. وحين يفاجأ العالم أن مصر فيها دولة أخرى موازية ، لها حكومتها وقيادتها ، ترفض دستور مصر العربية ، وتمسح بقانونها البلاط ، لأن الإنجيل – كما يعتقد المتمردون الطائفيون - فوق الدستور والقانون ولن تستطيع قوة في الأرض أن ترغم الكنيسة أو رئيسها على تنفيذ حكم القضاء في درجته النهائية ، حتى لو كان تفسيره للإنجيل تفسيرا شخصيا لا يقره عليه بقية الأساقفة .. فمعنى ذلك أن الدولة الموازية أقوى من الدولة الأصلية أو المفترضة ، مما يشير إلى انقراض سلطة هذه الدولة الأصلية ، وتآكلها ، وأن الدولة الموازية خرجت على السياق الشعبي والوطني ، وأنها كيان خارج على الدستور والقانون ، له قدراته وإمكاناته وقوته التي يحتمي بها ، ويعتمد عليها في مواجهة الدولة الأصلية أو المفترضة .
الذين يحاولون التدليس وإقناع الناس أن ما يسمى الاحتقان الطائفي هو بسبب الوهابية التي جاءت مع العائدين من صحراء الجزيرة العربية ، ومن الغزو البدوي المعاصر للعقل المصري ، وبسبب التطرف الإسلامي المتخلف ، يتجاهلون أن التمرد الطائفي ( وليس الاحتقان الطائفي أو التوتر الطائفي أو الفتنة الطائفية ) بدأ مع مجيء رئيس الكنيسة الحالي ، مع أوائل عهد الرئيس السادات – رحمه الله - وبعثه لثقافة الاستشهاد أو لاهوت التحرير الذي روجت له جماعة الأمة القبطية الإرهابية ، ومدارس الأحد المتعصبة التي كان رئيس الكنيسة أبرز روادها ونجومها . ولذا لم يكن حديث الكهنة المتمردين عن ضيافة المسلمين في بلدهم على المواطنين الأصليين النصارى أصحاب البلد ، وضرورة أن يرحل الضيف المسلم الذي تم احتماله أربعة عشر قرنا من الزمان مجرد كلام جرى على لسان كاهن متمرد ، أيضا فلم تكون المقولات الفجة التي شككت في صدق القرآن الكريم والرسالة الإسلامية بالتبعية ، وإضافة آيات حول وفاة المسيح عليه السلام في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، بالإضافة إلي مقولات الخونة عن إحساسهم بالعار من العروبة واللغة العربية ، وكلامهم عن الغزاة العرب الصحراويين البدو .. إلخ ، مجرد ثرثرة تصدر عن متمرد هنا ومتمرد هناك ، فهي فلسفة تمرد عميق الوعي بما يخطط له وينفذه . ويعبر عن غاية لاهوت التحرير ..
ثم إن لاهوت التحرير امتد إلى فكرة التفوق البيولوجي ( السكاني ) والهيمنة على أعصاب الدولة الاقتصادية والإعلامية والثقافية والتعليمية ، ومواجهة الأغلبية بالصلافة والعنجهية لإلغاء الإسلام في الحياة العامة ، والتعليم والإعلام والثقافة ، مع التشهير الذي لا يتوقف بالسلطة الأصلية التي منحتهم فوق ما يحلمون ، وأقامت لهم كنائس لدرجة أن بعضها لا يجد من يشغلها ، والإلحاح الكاذب والآثم على اضطهاد الأغلبية للأقلية ، ومطاردة الكتاب والمفكرين المسلمين الذين يدعون إلى التعقل ولاستقامة الطائفية ، وحرمان عقلاء النصارى الذين يرون الكنيسة تلعب بالنار وهي تنطلق من مفاهيم لا هوت التحرير ..
إن التمرد الطائفي يتصور أن نجاح الصليبيين الهمج في قتل المسلمين وطردهم من الأندلس ، وتمكن اليهود النازيين من اغتصاب فلسطين ، وطرد أهلها وتشريدهم ، يمكن أن يكون تجربة قابلة للتحقق في مصر العربية المسلمة ، في ظل التأييد الاستعماري الصليبي الغربي الذي يكاد ينجح في تمزيق السودان المسلم ، وإقامة دولة في جنوبه تقودها أقلية نصرانية خانت بلادها ، وتحالفت مع المستعمر الصليبي والنازي اليهودي .
إن السياق العام الذي يتحرك فيه التمرد الطائفي من خلال لاهوت التحرير ، ليس متعلقا بكاهن هنا أو كاهن هناك ، وليس مرتبطا بحادث مفتعل أو إسلام فتاة أو زوجة أحد الكهنة ، ولكنه سياق يؤسس لإقامة كيان إداري واجتماعي يستغني عن الدولة الأم ، ويتفرغ للشغب عليها ، وإرباكها ، ووضع ظهرها إلى الحائط ، خاصة في تحالف التمرد الطائفي مع جناح في السلطة يبدي عداوته للإسلام جهارا نهارا ، ويعمل على استئصاله في شتى الميادين من خلال مجموعات المرتزقة والخدم في أجهزة الإعلام والصحافة والثقافة ؟
ومع احترامنا لأصحاب العواطف الطيبة ممن يرون المسألة محدودة في بعض الأحداث ، وأن المعالجة تكمن في حظر تناول الموضوع ، أو إصدار بيان من شيخ الأزهر والمسئول عن الكنيسة يتحدث عن الوحدة الوطنية ، أو تشكيل لجان لتنقية مناهج التعليم من موضوعات ما يسمى بالتمييز، أو إعلان قرار من الكنيسة بحظر التظاهر النصراني في داخلها ، .. فهذا كله لا علاقة له بالخطر الذي يمثله لاهوت التحرير ركيزة التمرد الطائفي ، ويشيع من أجله ثقافة الدم والاستشهاد والانفصال !
إن حظر تناول الموضوع ، وما يستتبع ذلك من وقف بث القنوات الفضائية الإسلامية ومصادرة الكتب والمجلات والصحف ، كما يدعو إلى ذلك المأجورون من المرتزقة والشيوعيين الحكوميين وخدام الغرب واليهود ، ليس حلا طبيعيا ، لأن تكميم الأفواه وحظر القنوات الإسلامية دون النصرانية والطائفية سيؤدي إلى مضاعفات أخطر.
ثم إن البيان الذي صدر أو يصدر عن فضيلة الإمام الأكبر مع ممثل الكنيسة ، لن يؤثر في الأحداث ، ولن يغير من منهج لا هوت التحرير ، ولن يخضع الكهنة لروح المحبة وتعاليم المسيح عليه السلام .
أما اللعب في المناهج التعليمية ، وتحريم تدريس القرآن والإسلام ، فهو أمر مقيت ، وخاصة إذا جاء استجابة للمتمردين الخونة ، الذين يعلنون استعدادهم للاستشهاد من أجل الإنجيل ، وفي الوقت ذاته لا يجدون غضاضة أن يتوقحوا ويطالبوا بإلغاء اٌلإسلام عن طريق المرتزقة تحت دعوى تنقية المناهج من موضوعات التمييز ، بالمناسبة أتحدى أي متمرد خائن أو مرتزق يعمل لحساب المتمردين الخونة ؛ أن يقدم موضوعا إسلاميا أو آية قرآنية فيها تمييز أو دعوة إلى التمييز !
لقد صاغ وزير في السلطة ؛ يطارد الإسلام ويؤمم المساجد ، قانون عدم التظاهر في دور العبادة ، وتم تطبيق القانون على المسلمين ، أي الأغلبية وحدها ، ومُنع المسلمون من التظاهر تضامنا مع غزة أو فلسطين ، أو دفاعا عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، ولم يطبق القانون على المتمردين النصارى أبدا ، بل سمع العالم مظاهراتهم تتحدى المسئولين الكبار والصغار ، وتستنجد بشارون وليبرمان ، وتدعو أميركا والغرب الاستعماري للتدخل وإنقاذ الطائفة المضطهدة حسب أكاذيبهم وادعاءاتهم ، بل إن المفارقة أن المتظاهرين النصارى ضربوا الضبط والجنود، وأصابوهم إصابات بالغة أيام الأزمة المفتعلة حول الكاهن المشلوح برسوم المحروقي الذي قيل إنه زني بإحدى النساء ! ولم ينصف أحد ضباط مصر العربية وجنودها الجرحى حتى اليوم !
وحين تصدر الكنيسة اليوم قرار بمنع التظاهر في الكنائس ، وتدعو وزير الأوقاف لمنع التظاهر في المساجد من أجل عيون زعيمها الذي توجعه هتافات المتظاهرين المسلمين بإطلاق سراح الأسيرات المسلمات ، فهذا أمر يدعو إلى الضحك . لأنه يستغفل أصحاب العقول السليمة . ما معنى أن تصدر الكنيسة قرارا في موضوع صدر له قانون من قبل ولم تنفذه ، بل خالفته ، وتحدت به الدولة الأصلية وحكومتها على ملأ من العالمين ؟!
هل معنى ذلك أن الدولة الأصلية تصدر القرارات ولكن دولة العباسية لا تنفذها ؟ أو تنفذها عندما تضطرها الظروف ، وتصدر قرارا بمعرفتها يتجاهل القانون الذي صدر عن الدولة الأصلية ؟!
إن استمرار دولة العباسية في إشاعة ثقافة لا هوت التحرير ، والتعبير عنها عمليا من خلال عزل الطائفة عن المجتمع ، وتوفير احتياجاتها الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية بعيدا عن سلطة الدولة الأصلية ينذر بكارثة كبرى ، لا تتوقف آثارها على الكيان المسمى جمهورية مصر العربية ، ولكن على الطائفة نفسها التي صارت أسيرة لثقافة لا هوت التحرير ، ومقولاتها الإجرامية تجاه الإسلام والمسلمين واللغة العربية والنسيج الاجتماعي ..
وأعتقد أن خطورة التمرد الطائفي ، تفرض على الفور تفكيك دولة العباسية ، وإعادتها إلى كنيسة تنشر المحبة وتزرع التواصل بين أبناء المجتمع على اختلاف معتقداتهم ومذاهبهم وثقافتهم ، ويتطلب ذلك عدة أمور منها :
* محاكمة من أساء إلى الإسلام والمسلمين ، وعدهم ضيوفا على الطائفة الأرثوذكسية ، ورفض تنفيذ القانون ، وبسط سلطة الدولة وقانونها على جميع رعاياها ومؤسساتها ، وهدد بالاستشهاد والدم لو تم تنفيذ القانون .
* القبض على أذرع التمرد الطائفي في الداخل والخارج ، وهم معروفون بالاسم فيما أظن للسلطة ، وتقديمهم إلى محاكمة علنية تذاع على الهواء ، وتطبيق القانون عليهم مهما كانت مكانتهم .
* محاسبة الأبواق الكاذبة والصحف والقنوات التي روجت لأكاذيب التمرد الطائفي ، وفضحها على الملأ حتى يكونوا عبرة لمن يبيعون دينهم ووطنهم من أجل مكاسب رخيصة ، وخاصة من كانوا ينتمون إلى اليسار المتأمرك !
* تحرير الأفراد الذين تنتقم منهم دولة العباسية ، وتخضعهم للحبس أو العزل بغير سند من القانون والقضاء العادل ، ومعاقبة كل من شارك في هذه الجريمة النكراء .
* تطبيق القانون على الأفراد والمؤسسات في الطائفة في صورة تحقق هيمنة الدولة الأصلية ، وتجعلهم جميعا يخضعون لها .
* طرح مقولات لاهوت التحرير الشريرة على الإعلام والصحافة ومناقشتها من خلال علماء مشهود لهم بالحياد والكفاءة ، لكشف التزوير والتزييف والادعاءات الباطلة وخاصة ما يتعلق بالضيافة وأصحاب البلد الأصليين ، وإعجاز القرآن الكريم .
* تصفية الإمبراطورية الإعلامية الطائفية التي صارت تتحكم في معظم الصحف والقنوات الخاصة ، مع إتاحة الفرصة لصحافة إسلامية و‘علام إسلامي يعبر عن طبيعة الإسلام وتسامحه .
* التأكيد على أن الإسلام لا يمكن أن يسيء إلى المسيح أو تعاليمه الحقيقية أو يزدريها ، لأن الإيمان بالمسيح عليه السلام ، وما نزل عليه من عند الله ، واجب شرعي لا يكتمل إيمان المسلم إلا به : " كل آمن بالله وملائكته ورسله ، لا نفرق بين احد من رسله .. " ( البقرة : 227).
* دعم كنيسة المقطم ( مكسيموس ) والاعتراف بها ، ومساندتها في حل مشكلات ثلاثمائة ألف أسرة أرثوذكسية ، تعيش حياة غير طبيعية ، بسبب الوضع المعلق الذي فرضته العباسية تعسفا وقهرا .
هذا وبالله التوفيق .
_المصدر: جريد المصريون
. حلمي محمد القاعود | 12-10-2010 23:39
من الطبيعي في أي بلد متحضر عريق مثل مصر ، أن تكون فيه دولة واحدة وسلطة واحدة وقيادة واحدة ، ولكن أن تكون فيه دولتان وسلطتان وقيادتان ، فهذا أمر غير طبيعي ، وغير مقبول بأي مقياس . .
يعترف العالم من خلال الأمم المتحدة والعواصم المختلفة بدولة مصر العربية ، وحكومتها ، ورئيسها ، ويتعاملون مع المصريين على هذا الأساس .. وحين يفاجأ العالم أن مصر فيها دولة أخرى موازية ، لها حكومتها وقيادتها ، ترفض دستور مصر العربية ، وتمسح بقانونها البلاط ، لأن الإنجيل – كما يعتقد المتمردون الطائفيون - فوق الدستور والقانون ولن تستطيع قوة في الأرض أن ترغم الكنيسة أو رئيسها على تنفيذ حكم القضاء في درجته النهائية ، حتى لو كان تفسيره للإنجيل تفسيرا شخصيا لا يقره عليه بقية الأساقفة .. فمعنى ذلك أن الدولة الموازية أقوى من الدولة الأصلية أو المفترضة ، مما يشير إلى انقراض سلطة هذه الدولة الأصلية ، وتآكلها ، وأن الدولة الموازية خرجت على السياق الشعبي والوطني ، وأنها كيان خارج على الدستور والقانون ، له قدراته وإمكاناته وقوته التي يحتمي بها ، ويعتمد عليها في مواجهة الدولة الأصلية أو المفترضة .
الذين يحاولون التدليس وإقناع الناس أن ما يسمى الاحتقان الطائفي هو بسبب الوهابية التي جاءت مع العائدين من صحراء الجزيرة العربية ، ومن الغزو البدوي المعاصر للعقل المصري ، وبسبب التطرف الإسلامي المتخلف ، يتجاهلون أن التمرد الطائفي ( وليس الاحتقان الطائفي أو التوتر الطائفي أو الفتنة الطائفية ) بدأ مع مجيء رئيس الكنيسة الحالي ، مع أوائل عهد الرئيس السادات – رحمه الله - وبعثه لثقافة الاستشهاد أو لاهوت التحرير الذي روجت له جماعة الأمة القبطية الإرهابية ، ومدارس الأحد المتعصبة التي كان رئيس الكنيسة أبرز روادها ونجومها . ولذا لم يكن حديث الكهنة المتمردين عن ضيافة المسلمين في بلدهم على المواطنين الأصليين النصارى أصحاب البلد ، وضرورة أن يرحل الضيف المسلم الذي تم احتماله أربعة عشر قرنا من الزمان مجرد كلام جرى على لسان كاهن متمرد ، أيضا فلم تكون المقولات الفجة التي شككت في صدق القرآن الكريم والرسالة الإسلامية بالتبعية ، وإضافة آيات حول وفاة المسيح عليه السلام في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، بالإضافة إلي مقولات الخونة عن إحساسهم بالعار من العروبة واللغة العربية ، وكلامهم عن الغزاة العرب الصحراويين البدو .. إلخ ، مجرد ثرثرة تصدر عن متمرد هنا ومتمرد هناك ، فهي فلسفة تمرد عميق الوعي بما يخطط له وينفذه . ويعبر عن غاية لاهوت التحرير ..
ثم إن لاهوت التحرير امتد إلى فكرة التفوق البيولوجي ( السكاني ) والهيمنة على أعصاب الدولة الاقتصادية والإعلامية والثقافية والتعليمية ، ومواجهة الأغلبية بالصلافة والعنجهية لإلغاء الإسلام في الحياة العامة ، والتعليم والإعلام والثقافة ، مع التشهير الذي لا يتوقف بالسلطة الأصلية التي منحتهم فوق ما يحلمون ، وأقامت لهم كنائس لدرجة أن بعضها لا يجد من يشغلها ، والإلحاح الكاذب والآثم على اضطهاد الأغلبية للأقلية ، ومطاردة الكتاب والمفكرين المسلمين الذين يدعون إلى التعقل ولاستقامة الطائفية ، وحرمان عقلاء النصارى الذين يرون الكنيسة تلعب بالنار وهي تنطلق من مفاهيم لا هوت التحرير ..
إن التمرد الطائفي يتصور أن نجاح الصليبيين الهمج في قتل المسلمين وطردهم من الأندلس ، وتمكن اليهود النازيين من اغتصاب فلسطين ، وطرد أهلها وتشريدهم ، يمكن أن يكون تجربة قابلة للتحقق في مصر العربية المسلمة ، في ظل التأييد الاستعماري الصليبي الغربي الذي يكاد ينجح في تمزيق السودان المسلم ، وإقامة دولة في جنوبه تقودها أقلية نصرانية خانت بلادها ، وتحالفت مع المستعمر الصليبي والنازي اليهودي .
إن السياق العام الذي يتحرك فيه التمرد الطائفي من خلال لاهوت التحرير ، ليس متعلقا بكاهن هنا أو كاهن هناك ، وليس مرتبطا بحادث مفتعل أو إسلام فتاة أو زوجة أحد الكهنة ، ولكنه سياق يؤسس لإقامة كيان إداري واجتماعي يستغني عن الدولة الأم ، ويتفرغ للشغب عليها ، وإرباكها ، ووضع ظهرها إلى الحائط ، خاصة في تحالف التمرد الطائفي مع جناح في السلطة يبدي عداوته للإسلام جهارا نهارا ، ويعمل على استئصاله في شتى الميادين من خلال مجموعات المرتزقة والخدم في أجهزة الإعلام والصحافة والثقافة ؟
ومع احترامنا لأصحاب العواطف الطيبة ممن يرون المسألة محدودة في بعض الأحداث ، وأن المعالجة تكمن في حظر تناول الموضوع ، أو إصدار بيان من شيخ الأزهر والمسئول عن الكنيسة يتحدث عن الوحدة الوطنية ، أو تشكيل لجان لتنقية مناهج التعليم من موضوعات ما يسمى بالتمييز، أو إعلان قرار من الكنيسة بحظر التظاهر النصراني في داخلها ، .. فهذا كله لا علاقة له بالخطر الذي يمثله لاهوت التحرير ركيزة التمرد الطائفي ، ويشيع من أجله ثقافة الدم والاستشهاد والانفصال !
إن حظر تناول الموضوع ، وما يستتبع ذلك من وقف بث القنوات الفضائية الإسلامية ومصادرة الكتب والمجلات والصحف ، كما يدعو إلى ذلك المأجورون من المرتزقة والشيوعيين الحكوميين وخدام الغرب واليهود ، ليس حلا طبيعيا ، لأن تكميم الأفواه وحظر القنوات الإسلامية دون النصرانية والطائفية سيؤدي إلى مضاعفات أخطر.
ثم إن البيان الذي صدر أو يصدر عن فضيلة الإمام الأكبر مع ممثل الكنيسة ، لن يؤثر في الأحداث ، ولن يغير من منهج لا هوت التحرير ، ولن يخضع الكهنة لروح المحبة وتعاليم المسيح عليه السلام .
أما اللعب في المناهج التعليمية ، وتحريم تدريس القرآن والإسلام ، فهو أمر مقيت ، وخاصة إذا جاء استجابة للمتمردين الخونة ، الذين يعلنون استعدادهم للاستشهاد من أجل الإنجيل ، وفي الوقت ذاته لا يجدون غضاضة أن يتوقحوا ويطالبوا بإلغاء اٌلإسلام عن طريق المرتزقة تحت دعوى تنقية المناهج من موضوعات التمييز ، بالمناسبة أتحدى أي متمرد خائن أو مرتزق يعمل لحساب المتمردين الخونة ؛ أن يقدم موضوعا إسلاميا أو آية قرآنية فيها تمييز أو دعوة إلى التمييز !
لقد صاغ وزير في السلطة ؛ يطارد الإسلام ويؤمم المساجد ، قانون عدم التظاهر في دور العبادة ، وتم تطبيق القانون على المسلمين ، أي الأغلبية وحدها ، ومُنع المسلمون من التظاهر تضامنا مع غزة أو فلسطين ، أو دفاعا عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، ولم يطبق القانون على المتمردين النصارى أبدا ، بل سمع العالم مظاهراتهم تتحدى المسئولين الكبار والصغار ، وتستنجد بشارون وليبرمان ، وتدعو أميركا والغرب الاستعماري للتدخل وإنقاذ الطائفة المضطهدة حسب أكاذيبهم وادعاءاتهم ، بل إن المفارقة أن المتظاهرين النصارى ضربوا الضبط والجنود، وأصابوهم إصابات بالغة أيام الأزمة المفتعلة حول الكاهن المشلوح برسوم المحروقي الذي قيل إنه زني بإحدى النساء ! ولم ينصف أحد ضباط مصر العربية وجنودها الجرحى حتى اليوم !
وحين تصدر الكنيسة اليوم قرار بمنع التظاهر في الكنائس ، وتدعو وزير الأوقاف لمنع التظاهر في المساجد من أجل عيون زعيمها الذي توجعه هتافات المتظاهرين المسلمين بإطلاق سراح الأسيرات المسلمات ، فهذا أمر يدعو إلى الضحك . لأنه يستغفل أصحاب العقول السليمة . ما معنى أن تصدر الكنيسة قرارا في موضوع صدر له قانون من قبل ولم تنفذه ، بل خالفته ، وتحدت به الدولة الأصلية وحكومتها على ملأ من العالمين ؟!
هل معنى ذلك أن الدولة الأصلية تصدر القرارات ولكن دولة العباسية لا تنفذها ؟ أو تنفذها عندما تضطرها الظروف ، وتصدر قرارا بمعرفتها يتجاهل القانون الذي صدر عن الدولة الأصلية ؟!
إن استمرار دولة العباسية في إشاعة ثقافة لا هوت التحرير ، والتعبير عنها عمليا من خلال عزل الطائفة عن المجتمع ، وتوفير احتياجاتها الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية بعيدا عن سلطة الدولة الأصلية ينذر بكارثة كبرى ، لا تتوقف آثارها على الكيان المسمى جمهورية مصر العربية ، ولكن على الطائفة نفسها التي صارت أسيرة لثقافة لا هوت التحرير ، ومقولاتها الإجرامية تجاه الإسلام والمسلمين واللغة العربية والنسيج الاجتماعي ..
وأعتقد أن خطورة التمرد الطائفي ، تفرض على الفور تفكيك دولة العباسية ، وإعادتها إلى كنيسة تنشر المحبة وتزرع التواصل بين أبناء المجتمع على اختلاف معتقداتهم ومذاهبهم وثقافتهم ، ويتطلب ذلك عدة أمور منها :
* محاكمة من أساء إلى الإسلام والمسلمين ، وعدهم ضيوفا على الطائفة الأرثوذكسية ، ورفض تنفيذ القانون ، وبسط سلطة الدولة وقانونها على جميع رعاياها ومؤسساتها ، وهدد بالاستشهاد والدم لو تم تنفيذ القانون .
* القبض على أذرع التمرد الطائفي في الداخل والخارج ، وهم معروفون بالاسم فيما أظن للسلطة ، وتقديمهم إلى محاكمة علنية تذاع على الهواء ، وتطبيق القانون عليهم مهما كانت مكانتهم .
* محاسبة الأبواق الكاذبة والصحف والقنوات التي روجت لأكاذيب التمرد الطائفي ، وفضحها على الملأ حتى يكونوا عبرة لمن يبيعون دينهم ووطنهم من أجل مكاسب رخيصة ، وخاصة من كانوا ينتمون إلى اليسار المتأمرك !
* تحرير الأفراد الذين تنتقم منهم دولة العباسية ، وتخضعهم للحبس أو العزل بغير سند من القانون والقضاء العادل ، ومعاقبة كل من شارك في هذه الجريمة النكراء .
* تطبيق القانون على الأفراد والمؤسسات في الطائفة في صورة تحقق هيمنة الدولة الأصلية ، وتجعلهم جميعا يخضعون لها .
* طرح مقولات لاهوت التحرير الشريرة على الإعلام والصحافة ومناقشتها من خلال علماء مشهود لهم بالحياد والكفاءة ، لكشف التزوير والتزييف والادعاءات الباطلة وخاصة ما يتعلق بالضيافة وأصحاب البلد الأصليين ، وإعجاز القرآن الكريم .
* تصفية الإمبراطورية الإعلامية الطائفية التي صارت تتحكم في معظم الصحف والقنوات الخاصة ، مع إتاحة الفرصة لصحافة إسلامية و‘علام إسلامي يعبر عن طبيعة الإسلام وتسامحه .
* التأكيد على أن الإسلام لا يمكن أن يسيء إلى المسيح أو تعاليمه الحقيقية أو يزدريها ، لأن الإيمان بالمسيح عليه السلام ، وما نزل عليه من عند الله ، واجب شرعي لا يكتمل إيمان المسلم إلا به : " كل آمن بالله وملائكته ورسله ، لا نفرق بين احد من رسله .. " ( البقرة : 227).
* دعم كنيسة المقطم ( مكسيموس ) والاعتراف بها ، ومساندتها في حل مشكلات ثلاثمائة ألف أسرة أرثوذكسية ، تعيش حياة غير طبيعية ، بسبب الوضع المعلق الذي فرضته العباسية تعسفا وقهرا .
هذا وبالله التوفيق .
_المصدر: جريد المصريون