رد شبهة الشبهات اللغوية حول القرءان :
يعترض النصرانى على القرآن ، ببعض آياته التى أتت على غير الشائع
نحوياً ، يظن واهماً أن ذلك ينقص من شأن الكتاب
العزيز .
فكيف يكون رد المسلم على ذلك ؟
عادة ما يلجأ المسلم إلى أقوال علماء النحو واللغة ، وفيها
تخريجات نحوية للإشكال المتوهم فى الآية ، وغالباً ما يشير ـ العالم ـ إلى أن
الإشكال المتوهم هو لغة جائزة عند العرب . كل هذا جميل ورائع ، لكن هناك شىءعلينا أن نعيه أولاً ، ثم نعلمه
للنصارى ثانياً.
إن النصارى يحاكمون القرآن العظيم إلى منهج القواعد
النحوية للصف الثالث الإعدادى !يظنون أن القواعد النحوية حاكمة على القرآن ! وهذا جهل فاضح بنشأة علم النحو . إن علم النحو ليس علماً عقلياً ، بمعنى أن سيبويه ـ مثلاً ـ لم يعتمد على التفنن العقلى فى تقرير قواعد
النحو . بل إنه علم مبنى على الاستقراء
.
فسيبويه ـ مثلاً ـ أخذ يحلل كل النصوص الواردة عن العرب ، من شعر وخطابة ونثر
غير ذلك ، فوجد أنهم ـ العرب ـ دائماً يرفعون الفاعل فى كلامهم ، فاستنبط من ذلك قاعدة " الفاعل مرفوع
" .. وهكذا نتجت لدينا " قاعدة نحوية " تسطر فى كتب النحو ، ليتعلمها الأعاجم
فيستقيم لسانهم بالعربية إذا جرت عليه .
فلو كان سيبويه وجد العرب ينصبون الفاعل ، كنا سنجد كتاب القواعد النحوية فى الصف الثالث الإعدادى ، يخبرنا بأنه يجب
علينا نصب الفاعل كلما وجدناه!
إن علم النحو مبنى على الاستقراء .. " القواعد النحوية " مستنبطة من " استقراء " صنيع العرب فى
كلامهم . إذا فهمت هذه النقطة قارئى الكريم ، سيسهل عليك ـ إن شاء الله ـ فهم
ما بعدها
وهو أن العرب لم تكن كلها لهجة واحدة ، ولم تكن كلها تسير
على نفس القواعد النحوية ذاتها ، ولم تكن تلتزم كل قبيلة منها بنفس
المعاملات النحوية .
إن قبائل العرب لم تكن تسير فى كلامها على منهج النحو للصف الثالث
الإعدادى !
وليس معنى ذلك أنه كان لكل قبيلة " نحوها " الخاص بها .. كلا ..
وإنما اشتركت كل قبائل العرب فى " معظم " القواعد النحوية المشهورة الآن ..
لكنها ـ أبداً ـ لم تجتمع على " كل " تلك القواعد بعينها . لعلك أدركت الآن ـ قارئى الكريم ـ أن دائرة الخلاف فى التعاملات النحوية بين القبائل العربية
كانت صغيرة ، لكنها واقعة لا سبيل إلى إنكارها
(( نقلا
عن شبكة الحقيقة الإسلامية ))
ويمكن
تلخيص ما ذكروه فى هذا الجانب فى النقاط التالية :-
أولا:-ما
جاء في القرآن من ألفاظ غير عربية كأسماء الأنبياء السابقين و بعض الأسماء
المستعارة من لغات أخرى مثل: استبرق، جهنم، ماعون، سندس، مشكاة هل يقدح في عربية القرآن وبلاغته.
و يرد الألوسي
1- بأن وجود كلمات يسيرة لا تتجاوز الثلاثين غير عربية في القرآن أو في
كلام عربي لا تخرجه عن عروبته .
2- هذه الألفاظ ، و إن كانت في أصولها غير عربية فإن العرب عربتها
بألسنتها فصارت عربية، و كان الإمام الشافعي يمنع أن تكون أصول هذه الكلمات أعجمية
، بل يراها عربية وإن وجدت في لغات أخرى فهي مما نقله العجم عن العرب ، و كان يقول
" لا يحيط باللغة إلا نبي"، و يرى محمد عزة دروزة أن سبب تعريب العرب لهذه الكلمات
لأنها تتعلق بمسميات غير مستعملة في الحياة العربية، وصلت إلى العرب من الاحتكاك
بالأمم قال ابن عطية : فحقيقة العبارة عن هذه الألفاظ أنها في الأصل أعجمية لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية
بهذا الوجه وقد كان للعرب العاربة التي نزل القرآن بلسانها بعض مخالطة لسائر
الألسنة بتجارات وبرحلتي قريش وكسفر مسافر بن أبي عمرو إلى الشام وكسفر عمر بن
الخطاب وكسفر عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد إلى أرض الحبشة وكسفر الأعشى إلى
الحيرة مع كونه حجة في اللغة فعلقت العرب بهذا كله ألفاظا أعجمية غيرت بعضها بالنقص
من حروفها وجرت إلى تخفيف ثقل العجمة واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرى
مجرى العربي الصحيح ووقع بها البيان وعلى هذا الحد نزل بها القرآن فإن جهلها عربي
ما فكجهله الصريح بما في لغة غيره كما لم يعرف ابن عباس معنى فاطر إلى غير ذلك .
3- يمكن
أن تكون هذه الألفاظ قد وجدت في العربية قبل زمن النبي صلى الله عليه وسلم بوقت
طويل واستقرت في اللغة العربية حتى أصبحت جزءاً منها وصارت من مفرداتـها التي يروج
استخدامها بين العرب .
(( نقلا عن موقع شبكة بن مريم
الإسلامية))
ثانيا:- مما قاله النصارى مشككين في بلاغة القرآن و جزالته قولهم بأن في
القرآن أخطاء نحوية .
وقد جهل هؤلاء أن القرآن سابق على قواعد النحو التي وضعها سيبويه
والخليل الفراهيدي معتمدين في استنباطهم لهذه القواعد على القرآن الكريم و بعض
أشعار العرب فلا يمكن أن تكون هذه القواعد اللاحقة حكماً على الأصل الذي صدرت
عنه.
ثم إن المتبصر العارف بلغة العرب يرى أن هذه المواضع التي أنكرها
النصارى لم تخالف لغة العرب ولنضرب لذلك أمثلة.
1- قوله تعالى { إن هذان لساحران } حيث جاءت كلمة هذان مرفوعة وحقها أن
تنصب
الجواب الأول : إنْ بالسكون وهى مخففة من
إن ، وإنْ المخففة تكون مهملة وجوباً إذا جاء بعدها فعل ، أما إذا جاء بعدها اسم
فالغالب هو الإهمال نحو: (إنْ زيدٌ لكريم) ومتى أُهمِلَت يقترن خبرها باللام
المفتوحة وجوباً للتفرقة بينها وبين إنْ النافية كى لا يقع اللّبس. واسمها دائماً
ضمير محذوف يُسمَّى ضمير (الشأن) وخبرها جملة ، وهى هنا (هذان
ساحران).
الجواب الثانى : أن قوله تبارك وتعالى (( إن هذان لساحران(( هي لغة لبعض القبائل العربية يلزمون المثنى الألف فىجميع حالاته كبني الحارث بن كعب، وخثعم، وكنانة، وعذرة،
وزبيد، وغيرهم. يقولون: مررت برجلان ، وقبضت منه درهمان، وجلست بين
يداه.
كقول الشاعر : إن أباها وأبا أباها قد بلغا فى المجد
غايتاها
والأصل أن يقول غايتيها لأنها مفعول والشواهد كثيرة ،ولغة إلزام المثنى
الألف لغة مشهورة ، وقد جاء القرآن على أحرف عدة ولغات شتى، فلا غرابة أن يكون في القرآن وجه ورد على لغة لبعض
قبائل العرب المشهورة .
الجواب الثالث: أنها للنفي بمعنى: ما هذان إلا ساحران ، و في كلا الحالين ترفع
كلمة هذان
2- أشكل على النصارى أيضاً نصب لفظة { الصابرين }
في قوله { والموفون بعهدهم إذا عاهدوا و الصابرين في البأساء و الضراء و
حين البأس }
والجواب أن نصبها كان بسبب فعل
محذوف ، و تقدير الكلام:أمدح الصابرين. و سبب الإضمار هو الإشعار بفضل الصبر
تقديره وأخص بالمدح الصابرين، والعطف هنا من باب عطف الجملة على
الجملة.
3- أما تأنيث العدد في قوله {
و قطعناهم اثنتي عشرة أسباطاً أمماً } فسببه أن التمييز ليس { أسباطاً } بل: فرقة.
و هي مؤنثة و وافقها العدد، و أما أسباطاً فهي بدل كل من كل وكلمة (أمما)
نعت للأسباط
4- أما نصب قوله { المقيمين }
في قوله تعالى { لكن الراسخون في العلم منهم و المؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك و ما
أنزل من قبلك و المقيمين الصلاة } فقد نصبت
أ- لأن الواو التي قبلها ليست بواو العطف، بل الواو المعترضة و ما بعدها
نصب على المدح ، و تقدير الكلام: أمدح المقيمين الصلاة .
أي وأمدح
المقيمين الصلاة، وفي هذا مزيد العناية بهم، فالكلمة منصوبة على
المدح.
وعليه
فهذه جملة اعتراضية وهى مفعول به لفعل محذوف تقديره (وأمدح) لمنزلة الصلاة ، فهى
أول ما سيحاسب عليه المرء يوم القيامة. وفيها جمال بلاغى حيث يلفت فيها آذان
السامعين لأهمية ما قيل.
أما
(والمؤتون) بعدها على الرفع فهى معطوفة على الجملة التى
قبلها.]
ب-
ومنهم من جعل " المقيمين "
مجروراً لا منصوباً ، وقال إن جره لأنه معطوف على الضمير المجرور محلاً فى " منهم "
والمعنى على هذا:لكن الراسخون منهم
والمقيمين الصلاة.ج- وبعضهم قال إنه مجرور
بالعطف على الكاف فى " أنزل إليك " وبعضهم قال إنه مجرور بالعطف على " ما "
فى " بما أنزل إليك ".
د - أو
هو مجرور بالعطف على " الكاف " فى " قبلك
"
5- رفعت كلمة { الصابئون } في
قوله { إن الذين آمنوا و الذين هادوا و الصابئون والنصارى من آمن بالله و اليوم
الآخر و عمل صالحاً }
أ- قال سيبويه: الرفع محمول
على التقديم و التأخير، و التقدير: إن الذين آمنوا والذين هادوا ….و الصابئون و
النصارى كذلك
وتوضيح
ذلك أنه لو كان في الجملة اسم موصول واحد لحق لك أن تنكر ذلك ، لكن لا يلزم للاسم
الموصول الثاني أن يكون تابعا لإنَّ. فالواو هنا استئنافية من باب إضافة الجُملة
للجملة ، وليست عطفا على الجملة الأولى.
لذلك
رُفِعَ ( والصابئون ) للإستئناف ( اسم مبتدأ ) وخبره محذوف تقديره
والصابئون
كذلك أى
فى حكمهم. والفائدة من عدم عطفهم على مَن قبلهم هو أن الصابئين أشد الفرق المذكورين
فى هذه الآية ضلالاً ، فكأنه قيل: كل هؤلاء الفرق إن آمنوا وعملوا الصالحات قَبِلَ
اللهُ تَوْبتهم وأزال ذنبهم ، حتى الصابئون فإنهم إن آمنوا كانوا أيضاً
كذلك.
و هذا التعبير ليس غريبا في اللغة العربية، بل هو مستعمل فيها كقول بشر
بن أبي خازم الأسدي الذي قال :
إذا جزت نواصي آل بدر فأدوها وأسرى في الوثاق *** وإلا فاعلموا أنــا
وأنـتم بغـاة ، ما بقـينا في شـقاق
والشاهد
: وأنتم ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ، وبغاة خبر أن ( أو أنتم ) مرفوع، والخبر
الثاني محذوف، وكان يمكن أن يقول فاعلموا أنا بغاة وأنتم بغاة، لكنه عطف مع التقديم
وحذف الخبر ، تنبيها على أن المخاطبين أكثر اتصافا بالبغي من قومه هو ، فقدم ذكرهم
قبل إتمام الخبر لئلا يدخل قومه في البغي ــ وهم الأقل فيه ــ قبل
الآخرين
ومثله
أيضا قول قيس بن الخطيم: نحن بما عندنا وأنت بما عندك راضِ والرأي مختلف والتقدير
ونحن بما عندنا راضون
ب- :
إنَّ لفظ إنَّ ينصب المبتدأ لفظا ويبقى مرفوعا محلا، فيصح لغة أن تكون ( والصابئون
) معطوفة على محل اسم إن سواء كان ذلك قبل مجيء الخبر أو بعده
.
ج- أو هي معطوفة على المضمر في ( هادوا
).
و هذه الصور و غيرها مما ذكر علماؤنا يدل على جهل مثيري الشبهات من
النصارى بقواعد اللغة كما يدل على عظمة القرآن و بيانه. (( نقلا عن موقع
شبكة
بن مريم الإسلامية ))
6- ما جاء في سورة الانعام من قوله تعالى : ( وقالوا ما في بطون هذه
الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ) لماذا جاءت لفظة خالصة مؤنثة، ومحرم
مذكرة
الجواب من ثلاثة أوجه :
الأول : الهاء في خالصة للمبالغة لا للتأنيث ،
كقولك : علامة ونسابة .
الثاني : خالصة مصدر كالعافية والعاقبة .
الثالث : قيل إن الهاء للتأنيث ، ولما كان ( ما في بطون هذه الأنعام ) هو الأجنة
أنث الخبر على المعنى ، وذكر ( محرم ) على اللفظ
وجاء في تفسير أضواء البيان للإمام الشنقيطي رحمه الله :
وقد دلت الآيات المذكورة على أن الأنعام يصح
تذكيرها وتأنيثها. لأنه ذكرها هنا في قوله: «نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِى بُطُونِهِ»
وأنثها في سورة ٱلْمُؤْمِنُونَ في قوله«
نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِى بُطُونِهَا
وَلَكُمْ فيِهَا مَنَـٰفِعُ كَثِيرَةٌ» ومعلوم في العربية: أن أسماء الأجناس يجوز
فيها التذكير نظراً إلى اللفظ، والتأنيث نظراً إلى معنى الجماعة الداخلة تحت اسم
الجنس. وقد جاء في القرآن تذكير الأنعام وتأنيثها كما ذكرناه آنفاً. وجاء فيه
تذكير النخل وتأنيثها. فالتذكير في قوله« كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ
مُّنقَعِرٍ» والتأنيث في قوله« كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ
خَاوِيَةٍ» ونحو ذلك. وجاء في القرآن تذكير السماء وتأنيثها. فالتذكير في
قوله« السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ» والتأنيث
في قوله« وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَـٰهَا بِأَيْدٍ»
ونحو ذلك من الآيات. وهذا معروف في العربية، ومن شواهده قول قيس بن الحصين الحارثي
الأسدي وهو صغير في تذكير النعم : في كل عام نعم
تحوونه يلقحه قوم وتنتجونه
7- من ذلك : جاء في سورة البقرة قوله « قال لا ينالُ عهدي الظالمين » وكان يجب أن تكون "الظالمون" فهي جمع مذكر سالم مرفوع بالواو والنون
لأنه فاعل الفعل "ينال". فكيف جاءت منصوبة بالياء والنون؟
الجواب :
ينال فعل متعدى بمعنى (يشمل أو يَعُم) كما فى الآية أى لا يشمل عهدى الظالمين،
فعهدى هنا فاعل، والظالمين مفعول به.
مثال
لذلك لقد ناله ظلماً، وأسفنا لما ناله من إهانة.
والإمامة
والعهد بالإمامة هنا معناه النبوة، وبذلك تكون جواباً من الله على طلب نبينا
إبراهيم أن يجعل النبوة فى ذريته فوافقه الله إلا أنه استثنى الظالمين، كما لو أنه
أراد قول (إلا الظالمين من ذريتك).
وتجىء
أيضاً بمعنى حصل على مثل: نال الظالم جزاءه.
ومن
مصادر اللغة , المعجمات القديمة التي جمعها (لسان العرب) وها هو يقول: والعرب تقول:
"نالني من فلان معروف ينالني أي وصل إلي منه معروف" لسان العرب
11/6858- من ذلك جاء في سورة
البقرة 17 « مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا
حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ». وكان يجب أن يجعل الضمير العائد على المفرد
مفرداً فيقول ذهب الله بنوره .
الجواب :
فهو هنا لم يشبه الجماعة بالواحد وإنما شبهت قصتهم بقصة المستوقد. ومثال ذلك قوله:
« مثل الذين حُمِّلوا التوراة ثمَّ لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا» [الجمعة
5]. فلما أضاءت ما حوله أضاءت أيضاً للآخرين ، فكان عقاب الله أنها ذهبت بأبصارهم
جميعاً، لاحظ أن الله يضرب المثل بقوم استوقد أحدهم ناراً فلمَّا أضاءت ما حول فاعل
هذه النار أضاءت أيضاً حول ذهب الله بأبصار هذا القوم.
ونلاحظ
أنه قال (ذهب) وهى أبلغ من أذهب لأن ذهب بالشىء اسطحبه ومضى به معه، فكأنما أراد
الله أن يذكرهم أنه يرون بنور الله وفى معيته، وحيث أنهم اختاروا طريق الظلمة فقد
أخذ الله نوره وتركهم فى ظلمات أنفسهم التى اختاروا البقاء
فيها.
9- ومن ذلك ما جاء في
سورة الأعراف 56 « وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ
خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِين
»
وكان يجب أن يتبع خبر إن اسمها في التأنيث فيقول قريبة
.
الجواب :
إن كلمة قريب على وزن فعيل، وصيغة فعيل يستوى فيها المذكر
والمؤنث.
10- ومن ذلك ما جاء في
سورة الشورى 42: 17 (اللهُ الذِي أَنْزَلَ الكِتَابَ بِالحَقِّ وَالمِيزَانَ وَمَا
يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ). فلماذا لم يتبع خبر لعل اسمها في التأنيث
فيقول قريبة؟
الجواب :
خبر لعل هنا محذوف لظهوره البيَّن تقديره لعل حدوث الساعة
قريب.
وفيه
أيضا فائدة وهي أن الرحمة والرحم عند العرب واحد فحملوا الخبر على المعنى. ومثله
قول القائل: إمرأة قتيل. ويؤيده قوله تعالى: (هذا رحمة من ربي) فأتى اسم الإشارة
مذكرا. ومثله قوله تعالى: (والملائكة بعد ذلك ظهير).
وقد جهل
المعترض بأنه المذكر والمؤنث يستويان في أوزان خمسة :
1 –
(فعول): كرجل صبور وامرأة صبور.
2 –
(فعيل): كرجل جريح وامرأة جريح.
3 –
(مفعال): كرجل منحار وامرأة منحار أي كثير النحر.
4 –
(فعيل): بكسر الميم مثل مسكين، فنقول رجل مسكين، وامرأة مسكين.
5 –
(مِفعَل): بكسر الميم وفتح العين. كمغشم وهو الذي لا ينتهي عما يريده ويهواه من
شجاعته. ومدعس من الدعس وهو الطعن.
11- ومن ذلك ماجاء في
سورة الحج 22: 19(هذانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ). وكان يجب أن يثنّي
الضمير العائد على المثنّى فيقول خصمان اختصما في ربهما.
الجواب :
الجملة في الآية مستأنفة مسوقة لسرد قصة المتبارزين يوم بدر وهم حمزة وعلي وعبيدة
بن الحارث وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة. التقدير هؤلاء القوم صاروا في
خصومتهم على نوعين. وينضوي تحت كل نوع جماعة كبيرة من البشر. نوع موحدون يسجدون لله
وقسم آخر حق عليه العذاب كما نصت عليه الآية التي قبلها.فالتثنية باعتبار أنهما
فرقتين والجمع باعتبار أنهم جمع من الأفراد
12- ومن ذلك ما جاء في
سورة التوبة 9: 69 (وَخُضْتُمْ كَالذِي خَاضُوا). وكان يجب أن يجمع الاسم الموصول
العائد على ضمير الجمع فيقول خضتم كالذين خاضوا.
الجواب :
المتعلق (الجار والمجرور) محذوف تقديره كالحديث الذى خاضوا فيه. كأنه أراد أن يقول
وخضتم فى الحديث الذى خاضوا هم فيه.
13- ومن ذلك ما جاء في
سورة المنافقون (وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ
أَحَدَكُمُ المَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ
فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) وكان يجب أن ينصب الفعل المعطوف على
المنصوب فأَصدق وأَكون .
الجواب:
أن يقال إن الكلمة (وأكن) تقرأ بالنصب
والجزم ، أما النصب فظاهر لأنها معطوفة على (فأُصدق) المنصوب لفظا في جواب (لولا)،
وأما الجزم فلأن كلمة (فأصـدق ) وإن كانت منصوبة لفظا لكنها مجزومة محلا بشرط مفهوم
من قوله (لولا أخرتني)،حيث إن قوله (فأصدق) مترتب على قوله (أخرتني)، فكأنه قال: إن
أخرتني أصدق وأكن. وقد وضع العلماء قاعدة فقالوا: إن العطف على المحل المجزوم
بالشرط المفهوم مما قبله جائز عند العرب ، ولو لم تكن الفاء لكانت كلمة أصدق
مجزومة، فجاز العطف على موضع الفاء.
[فالواو
هنا من باب عطف الجملة على الجملة وليست من باب عطف الفعل على الفعل ، وهو مجزوم فى
باب الطلب (الأمر) لأن الطلب كالشرط.]
14- ومن ذلك ما جاء في
سورة البقرة 2: 80(لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً).وكان
يجب أن يجمعها جمع قلة حيث أنهم أراد القلة فيقول أياماً معدودات
.
الجواب :
ورد فى القرآن: (إلاَّ أياماً معدودات) [آل عمران 24] و (فى أيَّامٍ معدودات)
[البقرة 203] و (فى أيامٍ معلومات) [الحج 28].
إذا كان
الاسم مذكراً فالأصل فى صفة جمعه التاء: رجال مؤمنة ، كيزان مكسورة ،
ثياب
مقطوعة ؛ وإن كان مؤنثاً كان
الأصل فى صفة جمعه الألف والتاء: نساء مؤمنات ، جِرارٌ
مكسورات.
إلا أنه
قد يوجد نادراً الجمع بالألف والتاء مع الاسم المذكر مثل: حمَّام
حمَّامات.
فالله
تعالى تكلم فى سورة البقرة بما هو الأصل وهو قوله تعالى (أياماً معدودة) وفى آل
عمران بما هو الفرع.
وعلى ذلك
يجوز فى جمع التكسير لغير العاقل أن ينعت بالمفرد المؤنث أو الجمع، فنقول: جبال
شامخة وجبال شامخات ، ورود حمراء وورود حمراوات. وفى رأى آخر أنها تعنى أياماً
قليلة مثل (دراهم معدودة). ولكن الأكثر أن (معدودة) في الكثرة ، و(معدودات) في
القلة (فهي ثلاثة أيام المبيت في منى) وهي قليلة العدد.
15- ومن ذلك ما جاء في
سورة البقرة 2: 183 و184 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ
الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *
أَيَّامًا مَّعْدُودَات). وكان يجب أن يجمعها جمع كثرة حيث إن المراد جمع كثرة عدته
30 يوماً فيقول أياماً معدودة .
الجواب :
(أياماً معدودات) أى مقدورات بعدد معلوم ، أو قلائل ، فكأنما يريد الله أن يقول:
إنى رحمتكم وخففت عنكم حين لم أفرض عليكم صيام الدهر كله ، ولا صيام أكثره ، ولو
شئت لفعلت ذلك ولكنى رحمتكم وما أوجبت الصوم عليكم إلا فى أيام
قليلة.
ويجوز فى
جمع التكسير لغير العاقل أن ينعت بالمفرد المؤنث أو الجمع، فنقول: جبال شامخة
وجبال
شامخات ، ورود حمراء وورود حمراوات.
16- ومن ذلك ما جاء في سورة
الصافات 123-132 (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ... سَلاَمٌ عَلَى
إِلْيَاسِينَ ... إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُؤْمِنِين). فلماذا قال إلياسين
بالجمع عن إلياس المفرد؟ فمن الخطا لغوياً تغيير اسم العلَم حباً في السجع
المتكلَّف.
وجاء في
سورة التين 1-3 وَالتِّينِ وَالزَيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا البَلَدِ
الأَمِينِ . فلماذا قال سينين بالجمع عن سيناء؟ فمن الخطأ لغوياً تغيير اسم العلَم
حباً في السجع المتكلف
الجواب :
إن اسم إلياس معرب عن العبرية ، فهو اسم علم أعجمي ، مثل إبراهيم وأبرام ، فيصح
لفظه إلياس و إلياسين ، وهما إسمان لنبي واحد ، ومهما أتى بلفظ فإنه لا يعني مخالفة
لغة العرب ، ولا يعترض على أهل اللغة بما اصطلحوا على النطق به بوجه أو بأكثر.
فالاسم ليس من الأسماء العربية حتى يقال هذا مخالف للغة العرب، وكذلك لفظ سيناء
يطلق سينين وسَيْنين وسيناء بفتح السين وكسرها فيهما. ومن باب تسمية الشيء الواحد
بتسميات متشابهة أيضاً كتسمية مكة بكة.
17- ومن ذلك ما جاء في سورة
البقرة 2: 177 (لَيْسَ َالبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ
وَالمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ
وَالمَلائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ). فأتى باسم الفاعل بدل المصدر والصواب
أن يُقال ولكن البر أن تؤمنوا بالله لأن البر هو الإيمان لا
المؤمن.الجواب : يقول الإمام الرازى أنه حذف فى هذه الآية المضاف كما لو أراد
قول (ولكن البر كل البر الذى يؤدى إلى الثواب العظيم بر من آمن بالله. وشبيه ذلك
الآية (أجعلتم سقاية الحاجِّ ... كَمَنْ ءامَنَ) [التوبة 19] وتقديره: أجعلتم أهل
سقاية الحاج كمن آمن؟ ، أو أجعلتم سقاية الحاج كإيمان من آمن؟ ليقع التمثيل بين
مصدرين أو بين فاعلين، إذ لا يقع التمثيل بين مصدر
وفاعل.
وقد
يُقصدً بها الشخص نفسه فتكون كلمة (البرَّ) هنا معناها البار مثل الآية (والعاقبة
للتقوى) [طه 132] أى للمتقين ، ومثله قول الله تعالى (أرأيتم إن أصبح ماءُكم غوراً)
[المُلك 30] أى غائراً.
وقد يكون
معناها ولكنَّ ذا البر ، كقوله: (هم درجات عند ربهم) [آل عمران 163] أى ذو
درجات.
والصحيح
أن الإيمان عمل. إذن فالبر هو عمل المؤمن. فيصير معنى الآية ولكن البر هو أن يعمل
الإنسان كذا وكذا ، فالإيمان بالله من الأعمال الإيمانية وتتضمن أعمالا للقلب تبعث
على عمل الجوارح كالخشية والخضوع والتوكل والخوف والرجاء. وهذه كلها تبعث على العمل
الصالح.
18- ومن ذلك ما جاء في سورة
آل عمران 3: 59 (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن
تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُون) . وضع الفعل المضارع بدل الماضي وكان يجب
أن يعتبر المقام الذي يقتضي صيغة الماضي لا المضارع فيقول قال له كن فكان
.
الجواب :
قال (فيكون) للإشارة إلى أن قدرة الله على إيجاد شيء ممكن وإعدامه لم تنقض، بل هي
مستمرة في الحال والاستقبال في كل زمان ومكان ، فالذي خلق آدم من تراب فقال له (كن)
فكان ، قادر على خلق غيره في الحال والاستقبال (فيكون) بقوله تعالى
(كن).
وقد نقل
المنصرون هذا من كتب التفسير: أي إن المعنى : فكان، فظنوا لجهلهم بفن التفسير أن
قول المفسرين بذلك لتصحيح خطأ وقع في القرآن، وأن الصواب : فكان ، بصيغة الماضي .
قال القرطبي : "فكان . والمستقبل يكون في موضع الماضي إذا عرف
المعنى"
وهل
نقول: إذا أمرتك بشيء فعلت؟ أم أن الأصح أن تقول: إذا أمرتك بشيء تفعله؟ وتقدير
السياق في الآية فإذا أراد الله شيئا فيكون ما أراد.لأن الفعل المضارع يدل على
الاستمرارية
19- ومن ذلك ما جاء في
سورة يوسف 12: 15 (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي
غَيَابَةِ الجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا
وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ). فأين جواب لمّا؟ ولو حذف الواو التي قبل أوحينا لاستقام
المعنى..
الجواب :
جواب لمّا هنا محذوف تقديره فجعلوه فيها أو نفَّذوا مؤامرتهم وأرسله
معهم.
وهذا من
الأساليب البلاغية العالية للقرآن أنه لا يذكر لك تفاصيل مفهومة بديهية في
السياق.
20- ومن ذلك ما
جاء في سورة الفتح قوله تعالى مخاطبًا نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم: { إنا
أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا } (الفتح:8)، وبعد هذه الآية نقرأ قوله تعالى: {
لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا } (الفتح:9)، وقد استشكل
بعض الناس مرجع الضمائر الثلاثة في الأفعال: { وتعزروه وتوقروه وتسبحوه } هل هي
عائدة إلى الله، أم إلى الرسول، أم ماذا ؟
ووجه
الإشكال في الآية كما يتوهمه البعض، أن الضمائر الثلاثة إذا عادت إلى الرسول صلى
الله عليه وسلم فإن ذلك يؤدي إلى اضطراب في معنى الآية، ولا يكون المعنى مستقيمًا
ولا سليمًا؛ لأن معنى الآية على هذا: أمر المسلمين بالتسبيح للرسول صلى الله عليه
وسلم !!
أما إذا
عادت الضمائر الثلاثة إلى الله تعالى، فإن المعنى أيضًا يكون مضطربًا؛ لأن الله ليس
بحاجة إلى من يعزره ويقويه وينصره، ولأنه هو القوي العزيز .
وكلام
المفسرين حول هذه الآية الكريمة، يكشف لنا أن الآية مستقيمة في تركيبها، وصحيحة في
معناها؛
- وذلك
أن الضمائر في قوله تعالى: { وتعزروه وتوقروه } تعود إلى الرسول صلى الله عليه
وسلم؛ فيكون معنى قوله سبحانه: { وتعزروه } أي: تعظموه وتكبروه، كما قال ابن عباس
رضي الله عنهما؛ وقال قتادة معناه: تنصروه بالجهاد معه، والدعوة إلى شريعته؛ ويكون
معنى { وتوقروه } من التوقير: وهو الاحترام والإجلال والإعظام. والآية على هذا تأمر
المسلمين باحترام الرسول وتعظيمه باتباع ما أمر به، والنهي عما نهى عنه
.
أما
الضمير في قوله تعالى: { وتسبحوه } فيعود إلى الله تعالى، أي: تسبحون الله بكرة
وأصيلاً، يعني: أول النهار وآخره .
ومن
الجائز في لغة القرآن أن يكون بعض الكلام راجعًا إلى الله تعالى، وبعضه راجعًا إلى
رسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا أمثلة، قال تعالى: { ومن يطع الله ورسوله ويخش
الله ويتقه فأولئك هم الفائزون } (النور:52)، فالطاعة لله ولرسوله، والخشية والتقوى
لله وحده .
وعلى هذا التوجيه للآية، استحسن بعض القراء الوقف في الآية على قوله
سبحانه: { وتعزروه وتوقروه } ثم يكون الابتداء من قوله تعالى: { وتسبحوه بكرة
وأصيلا }؛ وقد نقل ابن الجزري هذا الاستحسان، ثم قال: لئلا يوهم اشتراك عود الضمائر
على شيء واحد، فإن الضميرين الأول والثاني، عائدان على النبي صلى الله عليه وسلم،
والضمير الثالث عائد على الله عز وجل .
وهذا التوجيه للآية الكريمة هو الذي ذهب إليه جمهور المفسرين، كالطبري ،
و القرطبي ، وابن كثير وغيرهم .
- ولكن فريقًا آخر من المفسرين، رأى أن الضمائر الثلاثة في الآية ترجع
إلى الله سبحانه، ويكون المراد بتعزير الله تعالى على هذا الرأي: تعظيم دينه بالعمل
به، واحترام رسوله صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهديه، والتزام سنته؛ وكل هذا يدخل
في قوله تعالى: { وتعزروه وتوقروه } ويمكن حمل الآية عليه. وإلى هذا التوجيه للآية
ذهب الزمخشري و الألوسي من المفسرين .
- فالآية على كلا التوجهين صحيحة مستقيمة لا إشكال فيها، سواء أعدنا
الضمائر كلها إلى الله، أم أعدنا الضمير الأول والثاني على الرسول، والثالث على
الله .
(( نقلا عن موقع الشبكة الإسلامية ))
21- ومن ذلك ما وجاء في
سورة الإنسان 76: 4 (إِنَّا أَعْتَدْنَال للْكَافِرِينَ سَلاَسِلاً وَأَغْلاَلاً
وَسَعِيراً). فلماذا قال سلاسلاً بالتنوين مع أنها لا تُنوَّن لامتناعها من
الصرف؟
الجواب :
قرأت
سلاسلَ بالتنوين على لغة من لغات العرب التى تصرِّف كل الأسماء الممنوعة من الصرف
فى النثر. أو أن تكون الألف المنونة فى سلاسلاً بدلاً من حرف
الإطلاق.
(الكشاف للزمخشرى ج 4 ص
167)
وكذلك
جاء في سورة الإنسان 76: 15 (وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ
وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا) بالتنوين مع أنها لا تُنّوَن لامتناعها عن الصرف؟
الجواب
: لو رجعتم للمصحف لعرفتم أن قواريرا غير منونة ، فهى غير منونة على قراءة عاصم
وكثيرين غيره، ولكن قرأ الإمامان النحويان الكسائى الكوفى، ونافع المدنى قواريراً
منصرفة ، وهذا جائز فى اللغة العربية لتناسب الفواصل فى الآيات،أوعلى لغة من لغات
العرب تصرِّف كل الأسماء الممنوعة من الصرف فى النثر .
22- ومن ذلك ما جاء في سورة
البقرة 2: 196 (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ
وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَاِملَةٌ) . فلماذا لم يقل تلك عشرة
مع حذف كلمة كاملة تلافيا لإيضاح الواضح، لأنه لا يوجد من يظن أن العشرة
تسعة؟
الجواب :
إن التوكيد طريقة مشهورة فى كلام العرب ، كقوله تعالى: (ولكن تَعْمَى القلوب التى
فى الصدور) [الحج 46] ، وقوله تعالى: (ولا طائرٌ يطير بجناحيه) [الأنعام 38] ، أو
يقول قائل سمعته بأذني ورأيته بعيني ، والفائدة فيه أن الكلام الذى يعبر عنه
بالعبارات الكثيرة ويعرف بالصفات الكثيرة، أبعد عن السهو والنسيان من الكلام الذى
يعبَّر عنه بالعبارة الواحدة ، وإذا كان التوكيد مشتملاً على هذه الحكمة كان ذكره
فى هذا الموضع دلالة على أن رعاية العدد فى هذا الصوم من المهمات التى لا يجوز
إهمالها ألبتة.
وقيل
أيضاً إن الله أتى بكلمة (كاملة) لبيان الكمال من ثلاثة
أوجه:
أنها كلمة فى البدل عن الهَدىْ قائمة مقامه ،
وثانيهما أنها كاملة فى أن ثواب صاحبه كامل مثل ثواب من يأتى بالهَدىْ من القادرين
عليه ، وثالثهما أنها كاملة فى أن حج المتمتع إذا أتى بهذا الصيام يكون كاملاً ،
مثل حج من لم يأت بهذا التمتع.
وذهب
الإمام الطبري إلى أن المعنى « تلك عشرة فرضنا إكمالها عليكم، إكمال صومها لمتعتكم
بالعمرة إلى الحج، فأخرج ذلك مخرج الخبر.
23- ومن ذلك ما جاء في سورة
الأنبياء 21: 3 (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الذِينَ ظَلَمُوا) فكان الواجب حذف ضمير
الفاعل في أسرّوا لوجود الفاعل ظاهراً وهو الذين .
الجواب :
إن التركيب مطابق لقواعد اللغة العربية باتفاق علماء اللغة وإن اختلفوا في الفاعل
الذي أسنِدَ إليه الفعل، والجمهور على أنه مسند للضمير، والاسم الظاهر بدل
منه.
ووجود
علامة التثنية والجمع فى الفعل قبل الفاعل لغة طىء وأزد شنوءة، وهى لغة أكلونى
البراغيث وقلنا من قبل إن القرآن نزل بلغات عدة عربية فصيحة ، وهذا أمر كان لا بد
منه ، ومع هذا جاء هذا التعبير فى لغة قريش ، ومنه قول عبد الله بن قيس بن الرقيات
يرثى مصعب بن الزبير:
تولى
قتال المارقين بنفسه * * * وقد أسلماه مبعد
وحميم
وقول
محمد بن عبد الله العتبى من ولد عتبة بن أبى سفيان الأموى
القرشى:
رأين
الغوانى الشيب لاح بعارضى * * * فأعرضن عنى بالخدود
النواضر
(الذين
ظلموا ليست هنا فاعلاً مكرراً ، فكلمة أسر هى الفعل ، والواو فاعله، والنجوى مفعول
به، وما بعده نعت )
24- ومن ذلك ما جاء في سورة
يونس 10: 22 (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ
طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ). فلماذا التفت عن المخاطب
إلى الغائب قبل تمام المعنى؟ والأصحّ أن يستمر على خطاب
المخاطب.
الجواب
:
1- المقصود هو المبالغة كأنه تعالى يذكر حالهم
لغيرهم لتعجيبهم منها ، ويستدعى منهم مزيد الإنكار والتقبيح. فالغرض هنا بلاغى
لإثارة الذهن والإلتفات لما سيفعله هؤلاء المُبعدين من نكران لصنيع الله
بهم.
2- إن مخاطبته تعالى لعباده، هى على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم،
فهى بمنزلة الخبر عن الغائب ، وكل من أقام الغائب مقام المخاطب ، حسن منه أن يرده
مرة أخرى إلى الغائب.
3- إن الإنتقال فى الكلام من لفظ الغيبة إلى الحضور هو من باب التقرب
والإكرام كقوله تعالى: (الحمد لله ربَّ العالمين * الرحمن الرحيم) [الفاتحة 2-3]
وكله مقام الغيب ، ثم انتقل منها إلى قوله تعالى: (إيَّاكَ نعبدُ وإيَّاكَ نستعين)
[الفاتحة 5] ، وهذا يدل على أن العبد كأنه انتقلَ من مقام الغيبة إلى مقام الحضور ،
وهو يوجب علو الدرجة ، وكمال القرب من خدمة رب العالمين.
أما إذا
انتقل الخطاب من الحضور إلى الغيب وهو من أعظم أنواع البلاغة كقوله: (هو الذى
يُسَيَّركم) ينطوي على الامتنان وإظهار نعمة المخاطبين، (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي
الفُلْكِ) (وَجَرَيْنَ بِهِمْ) ولما كان المسيرون في البر والبحر مؤمنين وكفارا
والخطاب شامل لهم جميعا حسن الخطاب بذلك ليستديم الصالح الشكر، ولعل الطالح يتذكر
هذه النعمة فيتهيأ قلبه لتذكر وشكر مسديها.
ولما كان
في آخر الآية ما يقتضي أنهم إذا نجوا بغوا في الأرض، عدل عن خطابهم بذلك إلى
الغيبة، لئلا يخاطب المؤمنين بما لا يليق صدوره منهم وهو البغي بغير الحق.، فهذا
يدل على المقت والتبعيد والطرد ، وهو اللائق بحال هؤلاء ، لأن من كان صفته أنه
يقابل إحسان الله تعالى إليه بالكفران، كان اللائق به ماذُكِرَ. ففيها فائدتان:
المبالغة والمقت أوالتبعيد.
25- ومن ذلك ما جاء في سورة
التوبة 9: 62 (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ). فلماذا لم يثنّ الضمير
العائد على الاثنين اسم الجلالة ورسوله فيقول أن
يرضوهما؟
الجواب
:
1- لا يُثنَّى مع الله أحدٌ ، ولا يُذكر الله
تعالى مع غيره بالذكر المُجْمَل ، بل يجب أن يفرد بالذكر تعظيماً له.
2- ثم إن
المقصود بجميع الطاعات والعبادات هو الله ، فاقتصر على ذكره.
3- ويجوز
أن يكون المراد يرضوهما فاكتفى بذكر الواحد كقوله: نحن بما عندنا وأنت بما عندك
راضٍ والرأى مختلفُ أى نحن بما عندنا راضون.
4- أن
العالم بالأسرار والضمائر هو الله تعالى ، وإخلاص القلب لا يعلمه إلا الله ، فلهذا
السبب خصَّ الله تعالى نفسه بالذكر.
5- كما
أن رضا الرسول من رضا الله وحصول المخالفة بينهما ممتنع فهو تابع لرضاء ربه ، لذلك
اكتفى بذكر أحدهما كما يقال: إحسان زيد وإجماله نعشنى وجبرنى. وقد قال أهل العلم:
إن إفراد الضمير لتلازم الرضاءين.
6- أو
على تقدير: والله أحق أن يرضُوه ورسوله كذلك، كما قال سيبويه: فهما جملتان حذف خبر
إحداهما لدلالة الثاني عليه والتقدير: والله أحق أن يرضوه ورسوله
كذلك.
26- ومن ذلك ما جاء في سورة التحريم 66:
4 (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا).
والخطاب
(كما
يقول البيضاوي). موجّه لحفصة وعائشة. فلماذا لم يقل صغا قلباكما بدل صغت قلوبكما إذ
أنه ليس للاثنتين أكثر من قلبين؟
الجواب :
القلب متغير فهو لا يثبت على حال واحدة ، فلذلك جمعه فصار قلب الإنسان كانه قلوب ،
ومثل ذلك (وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة) [النحل 78] ، ولعل المراد به هو جمع
بناء على القلة تنبيهاً على هناك الكثير من يسمع الحق بل ويراه ، لكن هناك قلة من
القلوب التى تستجيب وتخشع لله.
أن الله
قد أتى بالجمع في قوله (قلوبكما) وساغ ذلك لإضافته إلى مثنى وهو ضميراهما. والجمع
في مثل هذا أكثر استعمالا من المثنى. فإن العرب كرهوا اجتماع تَثْنيَيْن فعدلوا إلى
الجمع لأن التثنية جمع في المعنى .
(( نقلا
عن موقع شبكة بن مريم الإسلامية)) +
((الشبكة الإسلامية))
((
موقع أبو إسلام أحمد عبد الله ))
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يشرفنى اضافة تعليقك على الموضوع سواء نقد او شكر