نصح وإرشاد أم تهديد وإرهاب:
نصح وإرشاد أم تهديد وإرهاب ؟؟
بقلم / محمود القاعود
يجلس
الشيخ المعمم الوقور وأمامه المكتب العتيق وفوقه بعض الدفاتر والأقلام
والأوراق .. وعلى الناحية الأخرى تجلس أمامه فتاة عشرينية يبدو عليها
الإرهاق والتعب .. يتحدث إليها الشيخ بنبرة هادئة :
- خير يابنتى .. بتحبى ولا مدفعتيش قسط التلاجة ؟!
تصاب الفتاة بصدمة تعقد لسانها عن الكلام .. فيكرر الشيخ كلامه .. فترد الفتاة بتلعثم :
- أنا عاوزة أشهر إسلامى ..
يرمقها الشيخ بنظرة حادة ثم يردف :
- قوليلى مين اللى بتحبيه وأنا أخليه يجوزك من غير ما تشهرى إسلامك !
تتساقط حبات العرق فوق جبينها ، بينما يبتسم القس الذى يقف بجوار الشيخ ابتسامة صفراء ..
تكرر الفتاة أنها تريد إشهار إسلامها وتقول أنها ليست على علاقة بأحد ولا تعانى من أى مشكلة .. يخبط الشيخ بقبضته فوق المكتب ويصيح :
- يا
بتحبى .. يا فيه مشكلة ! ولازم ترجعى مع أبونا عشان يعملولك جلسات نصح
وإرشاد وبعدين تيجى نبحث فى أمرك وتكونى حافظة القرآن كله لو عاوزة تشهرى
إسلامك !!
هذا الموقف الهزلى المتخيل هو ما يطالب به شجيع السيما ” نجيب جبرائيل ” الذى تحرك بأمر من شنودة ليرسل بالفاكسات والبرقيات إلى المسئولين مطالباً بعودة جلسات ما تُسمى ” النصح والإرشاد ” .. نجيب جبرائيل يعزو أسباب التحول إلى الإسلام إما بـ الحب ! أو المشكلات ! ويطالب بالكشف عن ” النوايا الحقيقية ” لاعتناق الإسلام !
كما دعا جبرائيل الأزهر بعدم الاكتفاء بنطق الشهادتين ! بل لابد للأزهر أن يبحث فى الصدور ويشق القلوب ليعرف هل من يشهر إسلامه اعتنق الإسلام فعلا أم أنه ذهب للأزهر ليحب ويحل مشكلته ! وكأن الأزهر قد تحول إلى برنامج ” أنا والنجوم وهواك ” الذى يقدمه النصرانى أسامة منير ليحل فيه المشكلات العاطفية !
بمنطق نجيب جبرائيل فإن أى مسلم قد
تحدث له مشلكة فإنه سيتنصر أو يتهوّد ! ما دخل المشكلات فى الاقتناع بدين
معين ؟! بل قد يجد الإنسان حياته كلها مشكلات منذ مولده وحتى وفاته ولا
يدفعه هذا على الإطلاق لتغيير دينه .. ولكن المشكلة التى لا يعلمها جبرائيل
ومن يسرّحونه أننا فى القرن الحادى والعشرين .. ولسنا فى العصور الحجرية
المظلمة التى عبد الناس فيها الأصنام والحجارة .. لم تعد حكاية انتحار ”
الإله ” وموته على الصليب ، تنطلى على أحد .. النصارى ملّوا من الأكاذيب ..
ملّوا من عبادة البشر والخشب والأصنام .. ملّوا من دين يقوم على الأسرار
والألغاز .. ملّوا من دين وثنى بكل معانى الكلمة ..
نجيب جبرائيل يطالب عودة جلسات النصح والإرشاد – الاسم الحركى لمحاكم التفتيش – حتى يتم وقف نزيف الكنيسة المرقصية ، ومنع الآلاف الذين يفرون منها سنويا ..
جلسات النصح والإرشاد
هى جلسات تهديد وإرهاب يقوم القساوسة والأساقفة فيها بتهديد الأخ أو الأخت
بشتى أنواع التهديدات ويبلغونهم أنهم سيفقدون حياتهم إذا ما أصرّوا على
الإسلام .. ثم يلجأون إلى الترغيب ، وعرض تأشيرات أمريكا وقبرص وكندا وأستراليا عليهم .. يستخدمون جميع الطرق غير المشروعة لإثناء من يسلم عن إشهار إسلامه ..
والعجيب جد عجيب أن جبرائيل
وأمثاله يدّعون حماية حقوق الإنسان والسعى لتفعيل المواطنة ! فأين هى حقوق
الإنسان فى تهديد وإرهاب من يتحول للإسلام ؟؟ أين هو تفعيل المواطنة فى
خطف وحبس مواطنات أشهرن إسلامهن ؟؟ ولماذا الإصرار على المطالبة بعودة
محاكم التفتيش للبحث فى النوايا وقمع من يشهر إسلامه ؟؟ ولماذا الكنيسة المرقصية هى التى تطالب بهذه المطالب الشاذة دونا عن باقى الأديان والملل والمذاهب ؟؟
الحرية
الدينية لا تحتاج إلى تفتيش فى الضمائر والنوايا ولا تحتاج إلى شق القلوب
ومعرفة إذا كانت هذه السيدة تحب شخصا أو لديها مشكلة كما يدعى جبرائيل .. الحرية الدينية أن يختار الإنسان الدين الذى يعتقد بصحته ..
لقد
تنصّر بضعة أشخاص فى مصر ولم يأبه بهم مخلوق .. ولم نسمع أن شيخ الأزهر
قام بالاعتكاف من أجل استعادتهم أو أن الدولة قامت بالقبض على القساوسة
الذين نصّروهم أو أن المسلمون قاموا بتحريك عشرات الأتوبيسات التى تحمل
المتظاهرين ليحتجوا ويسبوا الدولة .. ولم يطالب محاميا مسلما بعمل جلسات
نصح وإرشاد لهم .. وحدها تتفرد الكنيسة المرقصية بزعامة شنودة ، بهذه الأعاجيب .. ووحدها كنيسة شنودة
هى التى تضطهد الأفراد دينيا وتختطفهم وتعذبهم .. ولم نسمع بما يفعله
شنودة وسدنته فى أى مكان آخر بالعالم .. حتى الكيان الصهوينى المجرم لا
يعتقل امرأة يهودية أشهرت إسلامها ..
إن
الدعوة لعودة جلسات النصح والإرشاد يمثل ردة حضارية تعود بنا إلى القرون
الوسطى وعصور الظلام الأوروبية وصكوك الغفران .. بالإضافة إلى أن هذه
الدعوة الآثمة تتناقض مع المادة الأولى فى الدستور التى تنص على المواطنة
وحرية الإنسان ، وكذلك المادة الثانية التى تقول أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع ..
أى لا يمكن بحال من الأحوال إعادة هذه الجلسات الإجرامية التى تنتهك حق
الإنسان فى اختيار عقيدته وتنتقص من حقوق المواطنة وتجامل الكنيسة على حساب
الدستور .
إن ما أفزع الكنيسة المرقصية الفترة الماضية هو انضمام المئات شهرياً للإسلام الحنيف .. خاصة أن مراسم إشهار الإسلام صارت تأتى موثقة بالفيديو .. وهو ما ضرب الكنيسة فى آلتها الإعلامية المأجورة التى كانت تروج كذبا وزورا وتضليلا لما يُسمى ” اختطاف الفتيات القبطيات القاصرات وتخديرهن واغتصابهن وأسلمتهن ” !
وجدت الكنيسة نفسها فى مأزق .. حيث أن ” السبوبة ” التى كانت ترتزق منها انتهت .. ولم يعد الأمريكان يصدقون مهاترات شنودة عن الخطف والأسلمة .. بل ولم يعد النصارى أنفسهم يصدقون أكاذيب الكهنة عن اختطاف الفتيات على يد ” الشباب الوهابى
” .. فلم تجد الكنيسة أى حل لهذه المعضلة سوى المطالبة بإعادة محاكم
التفتيش لوقف نزيف فرار النصارى من الكنيسة وتحولهم للإسلام العظيم ، ويكأن
ما يسمى ” النصح والإرشاد ” سيقنع من يشهر إسلامه بأن ” الإله ” قد انتحر على الصليب وتم دفنه ثم قام مرة أخرى !
ليت الكنيسة المرقصة تعلم أن هذه ” الحركات ” السخيفة ، تثبت للغرب أنها كنيسة إرهابية تعتدى على الحريات والأفراد .. وليت نجيب جبرائيل يعلم أن الدين ” مش بالعافية ” و ” الدراع ” وأن الدين الحق لا يحتاج إلى خطف وإرهاب وحبس واعتقال ونصح وإرشاد .
أكذوبة تناسخ الأرواح وخطورتها على العقيدة
بقلم / محمود القاعود
تناسخ الأرواح هو الاعتقاد بأن الأجساد تبلى وتبقى الأرواح لتنتقل من جسد إلى آخر فى سلسلة طويلة لا نهائية . ويؤمن الهندوس
بأن الإنسان عندما يموت فإن روحه تخرج منه وتحل فى جسد مولود جديد ، وإن
كان الإنسان صالحا فروحه تنتقل إلى جسد إنسان صالح ، وإن كان فاسدا فإن
روحه تنتقل إلى جسد إنسان فاسد وإن ظل على فساده فى الجسد الجديد تنتقل
روحه إلى جسد حيوان أو حشرة !
ويؤمن الدروز
بأن الروح تنتقل من الجسد الميت إلى الجسد المولود فى ذات اللحظة بسرعة
البصر ، وأن روح الذكر الميت تحل فى جسد الذكر المولود ، وكذلك روح الأنثى
الميتة تحل فى جسد الأنثى المولودة ! وهذا ما يعرف بعقيدة التقمّص عند الدروز وملخصها كما يقولون : أن
الجسد مجرد قميص للروح ، أو عربة تمتطيها الروح طيلة حياة الإنسان المقدرة
له من الخالق ، وأنه في حالة عدم صلاحية هذا الجسد لبقاء الروح فيه سواء
بالكبر أو المرض أو القتل ، تخرج الروح ، ويتحلل الجسد إلى عناصره المكون
منها و أن الروح تحل فورا في جسد طفل آخر ساعة الولادة ليعاود حياة أخرى،
وأنه قد تبقى آلاف السنين تتقلب من جسد إلى جسد حتى تنضج روحيا وتصبح خيرة
تماما، وهنا لا تعود إلى الأرض بل تلتحق بالأرواح الطيبة في الأعالى !
العجيب جد عجيب هو محاولة البعض إقحام القرآن الكريم فى هذا الموضوع ليدللوا على صحة تلك العقيدة الفاسدة والادعاء بتناسخ الأرواح وحلولها فى أجساد حيوانات كما تم مسخ بعض بنى إسرائيل إلى قردة وخنازير .
وهناك دراويش لعقيدة التناسخ وضعوا لها قوانين خاصة .. فالتناسخ هو إنتقال روح إنسان لجسد إنسان آخر بينما “التماسخ ” هو انتقال روح الإنسان إلى جسد حيوان ، وإذا انتقلت روح الإنسان للنبات يسمى “ تفاسخ ” ، وإذا انتقلت روح الإنسان إلى جماد يُسمى “ تراسخ ” !
أما أدلتهم على التناسخ المزعوم فهى :
1- النفوس عدد محدود منذ بدء الخليقة تتناسخ حتى تكفى ملايين الأجساد !
2- من الحكمة أن تظل الروح فى الأرض فترة طويلة جدا حتى يتم إختبارها لأن عمر الإنسان ( من 60 – 70 سنة ) لا يكفى للاختبار !
3- الذى يولد أعمى أو أعرج أو أبرص أو مختل عقليا إنما هو روح خبيثة ظالمة حلت فى هذه الأجساد كعقاب من الله وإلا نُسب الظلم لله !
4- قصص عن أطفال وسيدات ورجال حكوا حكايات عن حياتهم السابقة فى مدن أخرى !
5- الأحلام واللحظات التى تمر بالإنسان ويشعر أنه عاشها من قبل !
هذه هى أدلتهم على صحة التناسخ ويبدو تهافتها الشديد ..
ولنبدأ بأدلتهم المزعومة التى يدّعون فيها أن القرآن الكريم يؤيد أكذوبة التناسخ .
استنادهم إلى مسخ بنى إسرائيل .. يقول تعالى :
” وَلَقَدْ
عَلِمْتُمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ
كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ
يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ” ( البقرة : 65 – 66 ) .
”
قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ
مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ
وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ
عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ” ( المائدة : 60 ) .
“ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ” ( الأعراف : 165 ) .
وبغض النظر عن اختلاف المفسرين فى حقيقة هل تم مسخ هؤلاء إلى قردة وخنازير فى الواقع أو
أن المقصود أن أخلاقهم وأفعالهم صارت مثل أخلاق وأفعال الخنازير .. فإن
هذا الحدث يخص هؤلاء العصاة .. والآيات الكريمات لا تتحدث عن انتقال أرواح
الناس أو حتى أرواح الكافرين منهم إلى أجساد حيوانات .. بل هى واقعة معينة
عن عصيان بنى إسرائيل .. وفى زماننا الحالى انتشرت المعاصى وصار الفجور
علنا .. وصار الرجل يتزوج الرجل .. والمرأة تتزوج المرأة .. وصارت أخلاق
هؤلاء العصاة أحط من أخلاق القردة والخنازير .. لكنهم لم يُمسخوا ولم تنتقل
أرواحهم إلى أجساد حيوانات كما يدعى دعاة التناسخ والتقمّص .
ثم يستندون لقول الله تعالى : ” يَا
أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً
مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ” ( الفجر : 27 – 30 ) .
زعموا أن ” فادخلى فى عبادى ” أى بمعنى تنقّلى فى عبادى !
والواقع أن هذا الادعاء يوضح جهلهم الفاضح وإفكهم الواضح ..
يقول تعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً ” ( البقرة : 208 ) .. فهل تقصد الآية الكريمة أن الذين آمنوا ستنسخ أرواحهم إلى شئ معنوى وهو التسليم لله تعالى والخضوع إليه ؟!
يقول تعالى : ” فَأَمَّا
الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي
رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا” ( النساء : 175 ) .. فهل تقصد الآية الكريمة أن الذين آمنوا ستنسخ أرواحهم إلى ” الرحمة ” ؟!
يقول تعالى : : قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ” ( الأعراف : 60 ) فهل معنى ذلك أن نوح عليه السلام حل فى الضلال المبين كما ادعى قومه وأن جسده صار شيئا معنويا ً ؟!
يقول تعالى : “ قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ” ( الأعراف : 66 ) .. فهل معنى ذلك أن هود عليه السلام قد حل فى السفاهة كما ادعى قومه وأن جسده صار شيئاً معنوياً ؟!
يقول تعالى : ” قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ” ( الأعراف : 151 ) .. فهل معنى ذلك أن موسى وهراون عليهما السلام سيتحولان إلى شئ معنوى ؟!
يقول تعالى : ” وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ” ( النمل : 19 ) .. فهل معنى ذلك أن سليمان عليه السلام سيحل فى أجساد العباد الصالحين ؟!
إن
الآية الكريمة التى يستدلون بها لا تشير من قريب أو بعيد للاستنساخ ..
فادخلى فى عبادى .. أى فادخلى بصحبة عبادى .. وإلا لكان قال : فحلّى فى
عبادى أو فتمثّلى فى عبادى !
ثمة
آيات أخرى يستدل بها دعاة التناسخ لا يوجد بها ما يشير إلى التناسخ على
الإطلاق لكن فهمهم الأعوج السقيم سمح لهم بالتحريف .. وهذه هى الآيات
الكريمات التى يفترون عليها :
” كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ” ( البقرة : 28 ) .
قلت
: الآية الكريمة تتحدث عن العدم قبل الوجود الذى هو الموت والإحياء هو
الوجود الذى أعقب العدم .. ثم يعقب هذا الإحياء الموت بعد انقضاء الأجل ..
ثم البعث من القبور .. ثم الحساب والجزاء .. فأين هو التناسخ الذى تشير
إليه الآية الكريمة ؟!
ومثل هذه الآية الكريمة : ” قَالُوا
رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ
فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ ” ( غافر : 11 ) وأيما كان
من شأن اختلاف المفسرين حول مفهوم الموت الأول وهل هو النطفة قبل بث الروح
فيها أو هو الإنسان بعد موته .. والاختلاف حول مفهوم الحياة الأولى وهل هى
حياة البرزخ بعد الموت .. أو حياة الدنيا بعد العدم .. فإن الآية الكريمة
لا تشير من قريب أو بعيد إلى انتقال أرواح الناس إلى أجساد أخرى .
وأيضاً ” وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ ” ( الحج : 66 ) .. أحياكم بالإنشاء ثم يميتكم عند انتهاء آجالكم ثم يُحيكم عند البعث .. أين ما يشير للتناسخ فى هذه الآية ؟!
ومن المضحك احتجاجهم بالآية الكريمة : ” اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ” ( الروم : 11 ) ..
إذ أين فكرة التناسخ فى هذه الآية ؟! الله تعالى ينشئ خلق الناس ثم يعيد
خلقهم بعد موتهم .. فأين معنى انتقال روح إنسان لجسد مولود جديد ؟!
كذلك يستدلون بآيات : ”
يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي
خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ ” ( الإنفطار : 6 – 8 ) .. أين فى هذه الآيات الحديث عن التقمّص وحلول الروح فى جسد آخر ؟! الله تعالىيتحدث عن صورة الإنسان التى يولد عليها .. كما يقول تعالى : ” هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ” ( آل عمران : 6 )
ويستدلون بحادثة عزير التى لا يمكن الاستدلال بها على تناسخ الأرواح كما يدعون .. يقول تعالى : ” أَوْ
كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ
أَنَّىَ يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ
مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا
أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى
طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ
وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ
نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ
أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ” ( البقرة : 259 ) .
هذه معجزة إلهية تخص عزير .. لم تحل روح عزير فى جسد شخص آخر أو كائن آخر .. بل هو نفسه .. بعثه اللهبعد أن أماته مائة عام .. ووجد طعامه وشرابه كما هو .. ثم رأى بعينيه عملية بعث الحمار من جديد .. والآية الكريمة صريحة ” وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ” .. أى هى معجزة خارجة عن المألوف والمعروف من أن الميت لا يعود للدنيا .. ولكنها قدرة الله تعالى فى بعث عزير .. كما أعطى للمسيح عليه السلام معجزة إحياء الموتى ” وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ ” ( آل عمران : 49 ) .
و الله تعالى يقول بوضوح : ” وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ” ( الإسراء : 85 ) .
لا
مجال للعبث أو الاستخفاف والادعاء بعلم حقيقة الروح وماهيتها وأنها تنتقل
من جسد إنسان لجسد آخر ومن إنسان لكائن آخر .. هى من أمر الله تعالى وحده .
وآيات القرآن الكريم تدحض إفك دعاة التناسخ وأنه لا يتحمل جسد إنسان ذنب إنسان آخر كما يدعون ..
يقول تعالى : ” وَاتَّقُواْ
يَوْمًا لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا
شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ” ( البقرة : 48 ) .
” وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ” ( البقرة : 281 ) .
” هُنَالِكَ
تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللَّهِ
مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ” ( يونس : 30 ) .
” كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ” ( المدثر : 38 ) .
كل
إنسان مسئول عن نفسه .. لا يحل فى جسد إنسان آخر ولا يظل حيا بروحه آلاف
السنين كما يروج الجهلاء .. ولا خلود فى هذه الدنيا لمخلوق :
” وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ
” ( الأنبياء : 34 ) .. لا توجد أرواح تلف وتدور وتتنقل وتحل بأجساد أخرى
كما يدعى المهرجون .. ولا يتم عقاب شخص بانتقال روحه إلى جسد ضعيف ومريض أو جسد حيوان أو حشرة ..
يقول تعالى : ” وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ” ( الأنبياء : 42 ) .
يؤخرهم .. لا يضع أرواحهم فى أجساد أخرى كما يدعون .. بل الله تعالى يثبت أن كل نفس بجسدها ستحاسب :
” وَيَوْمَ
يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى
إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ
وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ
شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ
شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَمَا
كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا
أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا
يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي
ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ ” ( فصلت : 19 – 21 ) .
فلو أن هناك تقمّصاً وتناسخا كما يدعى المبطلون الدجالون لما شهدت عليهم جلودهم .. بل أنفسهم ..
ولا يثبت جهل وتخلف هؤلاء سوى إدعاء بعضهم بالتناسخ وحلول روح الإنسان فى الحيوان إستدلالا بالآية التالية : ” فَاطِرُ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا
وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ” ( الشورى : 11 ) .
الآية
الكريمة لا تشير مطلقا إلى حلول روح الإنسان فى جسد الحيوان أو روح
الإنسان فى جسد إنسان آخر وأجمعت التفاسير على تفسير واحد لها ليس من بينه
مطلقا أكاذيب هؤلاء السفهاء ..
جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا .. أى أوجد لكم بقدرته من جنسكم نساءًا من الآدميات .. وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا .. أى وخلق لكم كذلك من الإبل والبقر والضأن والماعز أصنافاً ، ذكوراً وإناثاً .. يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ
.. أى يُكثّركم بسببه بالتوالد ، ولولا أنه خلق الذكر والأنثى لما كان ثمة
تناسل ولا توالد .. لا حديث عن التناسخ لا تصريحا ولا تلميحا ..
ومن ضمن ما تعلقوا به ليدللوا على أكاذيبهم ، الآية الكريمة : ” يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ” ( الروم : 19 ) .
ادعوا
أنها تتحدث عن انتقال روح الإنسان الميت إلى جسد آخر ! وهذا لعمر الله
افتراء صارخ لم يرد له مثيل .. فلو كان المقصود ما زعموا لقال : وتخرج روح
الحى من جسد الميت .. لكن أنى لهؤلاء الدجاجلة أن يعقلوا ؟؟
جاء فى صفوة التفاسير
: أى تخرج الزرع من الحب والحب من الزرع ، والنخلة من النواة والنواة من
النخلة ، والبيضة من الدجاجة والدجاجة من البيضة والمؤمن من الكافر والكافر
من المؤمن ..
ويقول الطبرى : وأولى
التأويلات بالصواب تأويل من قال : يخرج الإنسان الحيّ والأنعام والبهائم
من النطف الميتة ، ويخرج النطفة الميتة من الإنسان الحي والأنعام والبهائم
والأحياء . أ.هـ
نخلص من هذا أن القرآن الكريم لا يوجد به على الإطلاق ما يؤيد أكاذيب وأراجيف دعاة التناسخ من الطوائف المارقة التى تدعى الإسلام ..
وهذه آيات قرآنية كريمة تقطع بأن الإنسان سيبعث بجسده وروحه :
” الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ” ( يس : 65 ) .
الأيدى
والأرجل هى التى ستتكلم .. فأين هذا من زعمهم أن الجسد مجرد قميص ؟! فإن
كان مجرد قميص فلا مبرر لأن يتكلم هذا القميص .. فيبطل زعمهم ..
” أَوَلَمْ
يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ
مُّبِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي
الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ
مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ” ( يس : 77 – 79 ) .
العظام سيتم بعثها من جديد .. والعظام هى ما يقوم عليه جسد الإنسان ..
” أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ ” ( القيامة : 3 – 4 ) .
تأكيد قاطع من الله تعالى أن الإنسان سيبعث بجسده .. حتى بأطراف أصابعه ” البنان ” التى هى نهاية عملية خلق الإنسان .. وإشارة الله تعالى للبنان .. أكبر دليل على بعث كل إنسان بجسده ..
يييقول البروفيسور زغلول النجار فى تفسيره لهذه الآية الكريمة :
” والإشارة
الي تسوية بنان الإنسان الحي أمر معجز حقا، والأكثر إعجازا إعادة تسوية
بنان الميت عند بعثه، بعد أن كان جسده قد تحلل، وكانت عظامه قد بليت،
وغاب ذلك كله في تراب الأرض ، من أعظم الدلالات علي طلاقة القدرة الإلهية
المبدعة علي بعث الأموات من رفاتهم المتحللة كما خلقهم أول مرة من
العدم.
و(بلي) في الآية الكريمة حرف رد للنفي الذي جاء في الآية السابقة( ألن نجمع عظامه) وإلغاء له، وهو جواب للتحقيق يوجب ما جاء في تلك الآية السابقة بمعني أن الله( تعالي) قادر علي جمع العظام بعد تحللها، بل هو( سبحانه وتعالي ) قادر علي ما هو فوق ذلك ألا وهو إعادة تسوية بنان الميت عند بعثه، بتفاصيل بصمته التي ميزته طيلة حياته عن غيره من بني جنسه، والتي تمثل الخاتم الذي ختم به بناء جسده وهو لم يزل جنينا في بطن أمه لم يتجاوز الشهر الثالث من عمره.
واللفظة( قادرين) حال من فاعل الفعل المقدر بعد الحرف ( بلي ) أي نجمع العظام النخرة ونحن علي ذلك قادرون وما هو فوق ذلك أننا قادرون( علي أن نسوي بنانه ) أي نجعلها كاملة الخلقة تماما كما كانت في حياته الأولي. و( البنان ) هي الأصابع أو أناملها ( أطراف الأصابع ) وهي جمع( بنانة ).
ومعني الآية الكريمة أن الله( تعالي ) قادر علي إعادة بعث رفات الميت مهما كانت درجات تحللها وبعثرتها في تراب الأرض ، وقادر علي جمع ذرات كل من عظامه ولحمه وجلده وشعره ، وكل صفة كانت في جسده قبل الموت ، وقادر علي التأليف بين ذلك كله ، وإعادة بعث الروح فيه ليرده حيا كما كان قبل الموت. وتخصيص البنان بالذكر يعود إلي كونها من أبرز الصفات الظاهرة في الجسم ، وآخر ما يتم من المراحل الأساسية في خلق الجنين ، وأنه الخاتم الرباني لكل فرد من بني الإنسان ، وإعادته إشارة إلي إعادة بعث الجسد كاملا دون أدني نقص ، ولذلك قال ربنا( تبارك وتعالي):
بلي قادرين علي أن نسوي بنانه القيامة 4 …. والبنان تحمل بصمتها التي تعتبر ختما إلهيا جعله الخالق ( سبحانه وتعالي ) علامة جماعية فارقة للإنسان دون غيره من المخلوقات المعروفة لنا ، كما جعله ميزة فردية لكل واحد من بني الإنسان تحديد شخصيته تحديدا قاطعا، وتفرده عن غيره إفرادا مميزا يتجاوز حدود الإرث والنسب والعرق, وذلك طيلة حياته والآية الكريمة التي نحن بصددها تؤكد علي إعادة بصمة كل بنان مع بعث كل ميت ، تأكيدا علي طلاقة القدرة الإلهية المبدعة في كل من الخلق والبعث. كما تشير إلي دقة تسوية البنان وإلي أهمية ذلك في حياة الإنسان ، وهي أهمية لم تدركها العلوم المكتسبة إلا في مطلع القرن العشرين(1901 م) حين استخدم المحتلون البريطانيون بصمات الأصابع في تتبع بعض مقترفي الجرائم في الهند ، ثم أصبحت وسيلة من أهم وسائل التشخيص لبني الإنسان في كل دول العالم.
وسبق القرآن الكريم بثلاثة عشر قرنا لجميع المعارف المكتسبة ، وذلك بالإشارة إلي تسوية البنان في الأحياء ثم عند البعث مما يقطع بأن القرآن الكريم لايمكن أن يكون صناعة بشرية ، بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله ، وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية في نفس لغة وحيه ( اللغة العربية) علي مدي الأربعة عشر قرنا الماضية وإلي أن يرث الله ( تعالي ) الأرض ومن عليها ، فالحمد لله علي نعمة الإسلام ، والحمد لله علي نعمة القرآن ، والحمد لله. علي بعثة سيد ولد عدنان: سيدنا محمد بن عبدالله ، خاتم الأنبياء والمرسلين ، وإمامهم أجمعين ، فصلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم ، والحمد لله رب العالمين ” أ.هـ
و(بلي) في الآية الكريمة حرف رد للنفي الذي جاء في الآية السابقة( ألن نجمع عظامه) وإلغاء له، وهو جواب للتحقيق يوجب ما جاء في تلك الآية السابقة بمعني أن الله( تعالي) قادر علي جمع العظام بعد تحللها، بل هو( سبحانه وتعالي ) قادر علي ما هو فوق ذلك ألا وهو إعادة تسوية بنان الميت عند بعثه، بتفاصيل بصمته التي ميزته طيلة حياته عن غيره من بني جنسه، والتي تمثل الخاتم الذي ختم به بناء جسده وهو لم يزل جنينا في بطن أمه لم يتجاوز الشهر الثالث من عمره.
واللفظة( قادرين) حال من فاعل الفعل المقدر بعد الحرف ( بلي ) أي نجمع العظام النخرة ونحن علي ذلك قادرون وما هو فوق ذلك أننا قادرون( علي أن نسوي بنانه ) أي نجعلها كاملة الخلقة تماما كما كانت في حياته الأولي. و( البنان ) هي الأصابع أو أناملها ( أطراف الأصابع ) وهي جمع( بنانة ).
ومعني الآية الكريمة أن الله( تعالي ) قادر علي إعادة بعث رفات الميت مهما كانت درجات تحللها وبعثرتها في تراب الأرض ، وقادر علي جمع ذرات كل من عظامه ولحمه وجلده وشعره ، وكل صفة كانت في جسده قبل الموت ، وقادر علي التأليف بين ذلك كله ، وإعادة بعث الروح فيه ليرده حيا كما كان قبل الموت. وتخصيص البنان بالذكر يعود إلي كونها من أبرز الصفات الظاهرة في الجسم ، وآخر ما يتم من المراحل الأساسية في خلق الجنين ، وأنه الخاتم الرباني لكل فرد من بني الإنسان ، وإعادته إشارة إلي إعادة بعث الجسد كاملا دون أدني نقص ، ولذلك قال ربنا( تبارك وتعالي):
بلي قادرين علي أن نسوي بنانه القيامة 4 …. والبنان تحمل بصمتها التي تعتبر ختما إلهيا جعله الخالق ( سبحانه وتعالي ) علامة جماعية فارقة للإنسان دون غيره من المخلوقات المعروفة لنا ، كما جعله ميزة فردية لكل واحد من بني الإنسان تحديد شخصيته تحديدا قاطعا، وتفرده عن غيره إفرادا مميزا يتجاوز حدود الإرث والنسب والعرق, وذلك طيلة حياته والآية الكريمة التي نحن بصددها تؤكد علي إعادة بصمة كل بنان مع بعث كل ميت ، تأكيدا علي طلاقة القدرة الإلهية المبدعة في كل من الخلق والبعث. كما تشير إلي دقة تسوية البنان وإلي أهمية ذلك في حياة الإنسان ، وهي أهمية لم تدركها العلوم المكتسبة إلا في مطلع القرن العشرين(1901 م) حين استخدم المحتلون البريطانيون بصمات الأصابع في تتبع بعض مقترفي الجرائم في الهند ، ثم أصبحت وسيلة من أهم وسائل التشخيص لبني الإنسان في كل دول العالم.
وسبق القرآن الكريم بثلاثة عشر قرنا لجميع المعارف المكتسبة ، وذلك بالإشارة إلي تسوية البنان في الأحياء ثم عند البعث مما يقطع بأن القرآن الكريم لايمكن أن يكون صناعة بشرية ، بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله ، وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية في نفس لغة وحيه ( اللغة العربية) علي مدي الأربعة عشر قرنا الماضية وإلي أن يرث الله ( تعالي ) الأرض ومن عليها ، فالحمد لله علي نعمة الإسلام ، والحمد لله علي نعمة القرآن ، والحمد لله. علي بعثة سيد ولد عدنان: سيدنا محمد بن عبدالله ، خاتم الأنبياء والمرسلين ، وإمامهم أجمعين ، فصلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم ، والحمد لله رب العالمين ” أ.هـ
أما أدلتهم الأخرى المزعومة ..
قولهم
أن النفوس محدودة يُرد عليه بعدد سكان الأرض حاليا الذى تجاوز سبعة
مليارات نسمة .. ومعنى ذلك أن النفوس ليست محدودة كما يدعون ولا حاجة لأن
تنتقل من جسد لجسد .. فوجود سبعة مليارات جسد بها سبعة مليارات نفس حاليا
يتنافى مع بدء الخليقة من آدم وحواء .. إذ لم يكن آيام آدم عليه السلام مليارات البشر كما هو الآن مما يدمر هذه الأكذوبة تماما ..
زعمهم أن عمر الإنسان 60 – 70
سنة لا يكفى للاختبار .. كلام سخيف يعطى الشرعية للمفسدين فى الأرض
ليستمروا فى إفسادهم وإجرامهم بحجة أن أنفسهم ستنتقل إلى أجساد أخرى حتى
تتطهر ! .. فالإنسان يحاسب منذ أن بدء يعقل الأمور والخير من الشر ..
والإنسان يحاسب بما قدم سواء فى سنة من بعد بلوغه وإدراكه أو فى عشر سنوات أو أكثر أو أقل .. فلا علاقة بين العمر وبين والاختبار لأن
الصالح يبدو صلاحه دون حاجة لآلاف السنين .. والآيات الكريمات توضح ذلك عن
حال الكفار الذين يتمنون العودة إلى الدنيا للعمل الصالح .. لكنهم كذبة سيعودون للإفساد والكفر والإجرام .. يقول تعالى :
” وَلَوْ
تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ
وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ
بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ
لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ” ( الأنعام : 28 – 29 ) .
زعمهم أن الله
يعاقب نفس الأعمى أو الأعرج أو الأبرص أو الأصم .. كلام متهافت .. وحاشا
لله أن يظلم أحدا .. ولكنه ابتلاء من الله .. فلا ذنب لهؤلاء بما فعل من
كان قبلهم كما يزعم الكذبة ..
يقول تعالى : ” وَاللَّهُ
أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا
وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ
” ( النحل : 78 ) . لا تعلمون شيئاً .. لا علاقة لهم بإنسان عاش قبلهم كان
فاسقا أو كان صالحا .. لم تحل فيهم روح إنسان قبلهم .. بل هم لا يعلمون
شيئاً .. فكيف يعاقبون بما لم يفعلوه ؟! أهذا هو العدل من وجهة نظر
الجُهّال ؟؟
المبدأ القرآنى واضح فى هذا الموضوع : ” مَّنِ
اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ
عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا
مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ” ( الإسراء : 15 ) .
أما
القصص والحكايات الخرافية والتنويم المغناطيسى .. فكل هذا هراء لا أساس له
من الصحة .. وهناك جهات فى دول الغرب مهمتها تصدير هذا العبث إلى عالمنا
الإسلامى ، وإنتاج الأفلام الوثائقية عن التناسخ والتقمّص ونشر الروايات
والقصص عن أطفال تحدثوا عن حياتهم السابقة … إلخ هذه المهاترات ، من أجل
خلق جو من الشك والارتياب وإنكار البعث والثواب والعقاب والحياة الآخرة ..
وأما
الأحلام فهى تخيلات ورؤيا لا علاقة لها بالتناسخ ولا تحل روح إنسان فى جسد
آخر حتى يرى حلما .. بل هو نفسه الذى يرى وغالبية الأحلام لها أثر فى
الواقع .. أى يحلم الإنسان بما يراه نتيجة تأثره به ..
وبالنسبة
لشعور الإنسان أنه قد عاش بعض اللحظات التى مر بها من قبل .. فهذا ما
يُعرف علميا باسم ” ديجا فو ” .. تقول الموسوعة العالمية ” ويكيبديا ” : ديجا-فو، Déjà vu كلمة فرنسية تعني شوهد من قبل، أطلق عليها هذا الاسم العالم إمِيل بُويَرْك وهي ظاهرة تحدث لكثير من الناس ويحسوا بأنهم عاشوا الأحداث من قبل وأنها ليست تحدث لأول مرّة ولها عدة تفسيرات تفسر سبب حدوثها.
أُختلِفَ كثيراً في تفسير ظاهرة الديجافو وسبب حدوثها؛ الباحث الإنجليزي فريدريك دبليو يقول: بأنّ العقل اللاشعوري ـ أو الباطن ـ سجّل معلومات في فترة قريبة مع العقل الواعي؛ لذا يتوهّم الشخص أنّه مرّ بالتجربة ـ
بينما
ينسُبْ عدّة محلّلون نفسانيّون الظاهرة إلى الخيال البسيط لدى الإنسان،
وبعض الأطباء يعزون ذلك إلى خلل لحظي في الدماغ لمدّة ثواني قليلة ،
وهناك من قال أنّها جزء خافت مجهول من ذكريات الطفولة ،
أمّا
التفسير الأوْهَن ممّن رأى أنّها ذكريات من حياة ماضية عشْنَاها ! ـ
يقولون أنّها ذكريات حياة قديمة تُزعج إلى سطح العقل حين مُلائمة بيئة
مُحيطة أو ناس مألوفين ! وربّما ما يُفنّد الرأي الأخير؛ ظاهرة أخرى تُسمّى
(Jamais Vu) حيثُ تكون في مكان مألوف ودائم، ثمّ تشعر فجأة بأنّ ما يُحيطك غريب كُليّاً.
لها
تفسير علمي هو تأخر وصول الدم من الفص الصدغي الأيمن إلى الأيسر بعد أن
يكون المشهد أصبح ذكرى بالنسبة للفص الأيسر ، وأكثر فئة عمرية إصابة بهذه
الظاهرة هم من 15 – 25 عاما..
يصاب به أكثر المصروعين قبل صرعهم أو بين النوبتين الصرعتين..ولكنه قد يقع
في جميع شرائح الأفراد بدون سبب طبي أو مرض عضوي في أحيان كثيرة تفسر هذه
الظاهرة عن محللون نفسيون كثر بأنه وهم أو تحقيق رغبة مكبوتة ” أ.هـ
هذا ما ورد فى ويكيبديا عن هذه الظاهرة التى لا ترقى أن تكون دليلاً على أكذوبة تناسخ الأرواح .
إن فكرة تناسخ الأرواح فكرة شيطانية مجرمة يروج لها مجرمون فى عالمنا العربى والإسلامى لنشر الفوضى والإلحاد ، ويعمدون فى نشر أكاذيبهم على تحريف آيات القرآن الكريم والادعاء أنها تشهد لتلك العقيدة الضالة .
كما
أن عدماء الضمير من هواة الكسب والربح شرعوا فى تأليف وطباعة كتب تروج
لفكرة تناسخ الأرواح والتقّمص وسرد قصص خرافية عن أطفال كانت لهم حياة
سابقة قبل ميلادهم .. بما يدخل فى عقول الناس صحة هذه الأكاذيب .
والمطلوب
هو نشر الوعى بين الناس والتحذير من خطورة هذه الدعوة الهدّامة ، وتفنيدها
فى وسائل الإعلام والمناهج الدراسية حتى نعطى الأطفال والتلاميذ مناعة ضد
هذا الدجل الذى انتشر مؤخرا .. فروح الإنسان لا تحل فى إنسان آخر أو حيوان أو نبات أو جماد فلا تقمّص أو تناسخ أو تماسخ أو تفاسخ أو تراسخ كما يدعى الجهلاء .
وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين
المصدر: مدونة الاستاذ محمود القاعود