رد شبهة نبيٌّ أقاربه في النار! :
الشيخ/ أكرم حسن مرسي |
سألوا سؤالاً يقولون فيه : وجدنا من خلالِ دراسةِ
سيرةِ نبيِّكم أن أمَّه (آمنة) كانت مشركةً ، وأن أباه (عبد الله) في النارِ، و
كذلك عمه (أبو طالب ) ، فكيف لنبيٍّ من عند اللهِ أن يكون أقاربه في النارِ ؟!
واستندوا في ذلك على ثلاثةِ أحاديث :
الأول: صحيح مسلم
برقم 302 عَنْ أَنَسٍ
أَنَّ رَجُلًا قَالَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ أَبِي ؟ قَالَ :"فِي النَّارِ" فَلَمَّا قفي
دَعَاهُ فَقَالَ:" إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ".
الثاني: صحيح مسلم برقم 1622 عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ r قَبْرَ أُمِّهِ
فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ فَقَالَ:" اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ
أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي ،وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ
قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ" .
الثالث : صحيح مسلمٍ
برقم 310 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ r ذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ
أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ:" لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ
الْقِيَامَةِ ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي
مِنْهُ دِمَاغُهُ ".
· الرد على الشبهة
أولاً: إن من عدلِ
اللهِ I أنه جعل للإنسانِ الحرية الكاملة في اختيارِ
مصيرِيه الأبدي فجعله مخيرًا بين الخير والشر ....يدلل على ذلك ما يلي:
1- قولُه I عن الإنسانِ : ]وَهَدَيْنَاهُ
النَّجْدَيْنِ [(البلد 1).
أي: بيّنا له
طريقَ الخير والشر، فإنه I
لا يظلم الناسَ شيئًا يحاسبُ كل إنسانٍ عما فعل في حياتِه الدنيا...
2- قولُه
I:]إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ
ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا
(40[(( النساء).
3- قولُه
I: ]وَأَن
لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [ (النجم39) .
جاء في التفسيرِ
الميسر:
وأنه لا يحصل للإنسان من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه بسعيه. أهـ
4- قولُه Iعن يوم القيامة: ]الْيَوْمَ
تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ
الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ[(غافر17).
جاء في التفسيرِ
الميسر:
اليوم تثاب كل نفس بما كسبت في الدنيا من خير وشر, لا ظلم لأحد اليوم بزيادة في
سيئاته أو نقص من حسناته. إن الله I
سريع الحساب, فلا تستبطئوا ذلك اليوم؛ فإنه قريب. أهـ
5- قولُه I:
]وَخَلَقَ
اللَّهُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ
نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ[(الجاثية22).
جاء في التفسيرِ الميسر : وخَلَق الله السماوات
والأرض بالحق والعدل والحكمة; ولكي تجزى كل نفس في الآخرة بما كسبت مِن خير أو شر,
وهم لا يُظْلمون جزاء أعمالهم . أهـ
ثانيًا: إننا نعتقد أن بعض أقارب النبيِّ r
ماتوا جميعًا على الشرك.....
وأبدأ الحديث
عن أمِه r وأقول: شاء اللهُ
I أن أمَّ نبيِّنا r تكون من أهل الفترة .... وقد علّمنا النبيُّ r
أن نعمل؛ لأنه لا أحدٌ يحمل ذنبَ أحدٍ ... ثبت ذلك في الصحيحين واللفظ للبخاري
برقم 2548 عن أبي
هُرَيْرَةَ t
قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ r حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ I : ] وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ[ قَالَ: يَا مَعْشَرَ
قُرَيْشٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ
مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ،يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ
اللَّهِ شَيْئًا ، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ
مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ،وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي
عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا
شِئْتِ مِنْ مَالِي لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا" .
فبالنظر إلى الرواياتِ الصحيحة التي جاءت عن
مصيرِ أمِهr وجدتُ أنها من أهل الفترة ، وأهل الفترة يأخذون حكم الكفار في الدنيا
لا نستغفر لهم،ويوم القيامة يختبرون ... الروايات تذكر أن محمدًاr سال ربه Iأن يستغفر لأمه ،فلم يأذن له... وذلك
واضح من خلالِ روايتين هما :
الرواية الأولى : في صحيحِ مسلم 1621برقم عن أبي هريرة t قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ r:" اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ
أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ،وَاسْتَأْذَنْتُهُ
أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي ".
والرواية
الثانية : في صحيح مسلم
برقم1622 عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ tقَالَ
: زَارَ
النَّبِيُّ r قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى
وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ فَقَالَ :" اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ
أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ
قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي فَزُورُوا الْقُبُورَ
فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ ".
قلتُ : إن هذين الحديثين يدلان على رحمتِه
r ووفائِه ، فإنه بكي حتى أبكى من
حوله لبكائِه r ؛
لأنها لم تدركه r وهو
رسول من عند اللهِ I
فتؤمن به .....
قال النوويُّ - رحمه اللهُ:-
قَوْلهr : (
اِسْتَأْذَنْت رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِر لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَن لِي ،
وَاسْتَأْذَنْته أَنْ أَزُور قَبْرهَا فَأَذِنَ لِي ) فِيهِ جَوَاز زِيَارَة
الْمُشْرِكِينَ فِي الْحَيَاة ، وَقُبُورهمْ بَعْد الْوَفَاة ؛ لِأَنَّهُ إِذَا
جَازَتْ زِيَارَتهمْ بَعْد الْوَفَاة فَفِي الْحَيَاة أَوْلَى ، وَقَدْ
قَالَ اللَّه I : ] وَصَاحِبْهُمَا
فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا[ وَفِيهِ : النَّهْي عَنْ الِاسْتِغْفَار
لِلْكُفَّارِ .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض - رَحِمَهُ اللَّه - :
سَبَب زِيَارَتهr َ قَبْرهَا
أَنَّهُ قَصَدَ قُوَّة الْمَوْعِظَة وَالذِّكْرَى بِمُشَاهَدَةِ قَبْرهَا ،
وَيُؤَيِّدهُ قَوْله r فِي آخِر الْحَدِيث : ( فَزُورُوا الْقُبُور
فَإِنَّهَا تُذَكِّركُمْ الْمَوْت ) .
قَوْله :
( فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْله ) قَالَ الْقَاضِي : بُكَاؤُهُ r عَلَى
مَا فَاتَهَا مِنْ إِدْرَاك أَيَّامه ، وَالْإِيمَان بِه ِr . أهـ
قد يقال : ما الحكمة من كون أم النبي
ماتت على غير دين محمدr؟
قلتُ : لعل ذلك أحفظ لدينِ اللهِ Iكي لا تُعبد أمُّه من دونِ اللهِI
كما عُبِدت أمُّ
المسيح من بعضِ طوائف المسيحية ، مثل: المريمية
، والنسطورية ، والملكانية....
فإن قيل: هناك حديث يثبت أن أم النبيِّ r في النار
،وذلك في مسند أحمد برقم3598 حَدَّثَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ
بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ الْبُنَانِيُّ عَنْ عُثْمَانَ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: جَاءَ ابْنَا
مُلَيْكَةَ إِلَى النَّبِيِّ r فَقَالَا: إِنَّ أُمَّنَا كَانَتْ تُكْرِمُ الزَّوْجَ وَتَعْطِفُ عَلَى
الْوَلَدِ قَالَ :وَذَكَرَ الضَّيْفَ غَيْرَ أَنَّهَا كَانَتْ وَأَدَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
قَالَ: أُمُّكُمَا فِي النَّارِ فَأَدْبَرَا وَالشَّرُّ يُرَى فِي وُجُوهِهِمَا فَأَمَرَ
بِهِمَا فَرُدَّا فَرَجَعَا وَالسُّرُورُ يُرَى فِي وُجُوهِهِمَا رَجِيَا أَنْ يَكُونَ
قَدْ حَدَثَ شَيْءٌ فَقَالَ:أُمِّي مَعَ أُمِّكُمَا في النار...
قلتُ :إن إسناده ضعيف لا يعتد به ، لضعف عثمان فقد
ضعفه المحققون منهم:
1- الشيخ شعيب الأرنؤوط قائلاً: إسناده ضعيف.
2-الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة
والموضوعة (ج24 /ص740) قال: منكر .
أخرجه الدارمي في "سننه"(2/325) ، والحاكم (2/364) ، والديلمي
في "مسند الفردوس" (1/81/2) من طريق الصَّعْق بْن حَزْنٍ عَنْ
عَلِىِّ بْنِ الْحَكَمِ
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
عَنِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
قِيلَ لَهُ : مَا الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ؟ قَالَ : ... فذكره . وقال الحاكم:
« صحيح الإسناد وعثمان بن عمير هو : أبو اليقظان » وتعقبه الذهبي بقوله:
" لا والله ! فعثمان ضعفه الدارقطني ، والباقون ثقات".
قلت وهو عند الدارقطني أسوأ مما حكاه عنه ، فقد قال البرقاني في
"سؤالاته"
(ص 51): "سألته عن عثمان بن عمير أبي اليقظان ؟ فقال : كوفي متروك".
ولم يذكر الحافظ في "التهذيب" عن الدارقطني :"كوفي"
، وما أورده في
ترجمته من أقوال الأئمة فيه كلها مجمعة على تضعيفه . لكن روى ابن عدي
في
"الكامل" (5/167) عن ابن معين قوله فيه :
"ليس به بأس" . وعن يحيى بن سعيد أنه سئل : "كيف حديثه؟"
. فقال: "صالح"
وقد لخص الحافظ تلك الأقوال بقوله في "التقريب" : "ضعيف
، واختلط ، وكان يدلس ، ويغلو في التشيع".
3-جاء في كتاب جامع الأحاديث(ج6/ص 424)
برقم 5465
أمي مع أمكما (أحمد ، والبزار ، والطبراني عن ابن مسعود قال جاء ابنا مليكة
إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالا إن أمنا كانت تكرم الزوج وتعطف على الولد
وتكرم الضيف غير أنها وأدت في الجاهلية قال إن أمكما في النار فأدبرا والسوء في وجهيهما
فأمر بهما فرجعا والسرور يرى في وجهيهما رجاء أن يكون قد حدث شيء فذكره) [المناوي]
أخرجه أحمد (1/398 ، رقم 3787) ، والبزار (4/339 ، رقم 1534) ، والطبرانى (10/80 ،
رقم 10017) . وأخرجه أيضًا : الطبراني في الأوسط (3/82 ، رقم 2559) ، والحاكم
(2/396 ، رقم 3385) . قال الهيثمي (10/362) : رواه أحمد ، والبزار ، والطبراني ، وفى
أسانيدهم كلهم عثمان بن عمير ، وهو ضعيف .
وأما
الحديث عن أبيه r
فقد
جاء في صحيحِ مسلم برقم 302 عَنْ أَنَسٍ t أَنَّ رَجُلًا قَالَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ
أَيْنَ أَبِي قَالَ: فِي النَّارِ فَلَمَّا قفي دَعَاهُ فَقَالَ:" إِنَّ
أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ".
قال
النوويُّ - رحمه اللهُ - :
قَوْله: (
أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُول اللَّه أَيْنَ أَبِي ؟ قَالَ: فِي النَّار،
فَلَمَّا قفي دَعَاهُ قَالَ: إِنَّ أَبِي وَأَبَاك فِي النَّار )
فِيهِ :
أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْر فَهُوَ فِي النَّار ، وَلَا تَنْفَعهُ قَرَابَة
الْمُقَرَّبِينَ ، وَفِيهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَة عَلَى مَا كَانَتْ
عَلَيْهِ الْعَرَب مِنْ عِبَادَة الْأَوْثَان فَهُوَ مِنْ أَهْل النَّار ،
وَلَيْسَ هَذَا مُؤَاخَذَة قَبْل بُلُوغ الدَّعْوَة ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كَانَتْ
قَدْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَة إِبْرَاهِيم وَغَيْره مِنْ الْأَنْبِيَاء- صَلَوَات
اللَّه تَعَالَى وَسَلَامه عَلَيْهِمْ -.
وَقَوْله r :
( إِنَّ أَبِي وَأَبَاك فِي النَّار) هُوَ مِنْ حُسْن الْعِشْرَة لِلتَّسْلِيَةِ
بِالِاشْتِرَاكِ فِي الْمُصِيبَة وَمَعْنَى ( قفي ) وَلَّى قَفَاهُ مُنْصَرِفًا. أهـ
وأما الحديث عنه عمه ( أبي طالب ) فهو أقل الناسِ عذابًا يوم
القيامة ... ثبت ذلك في عدة مواضع منها :
1- صحيح
البخاري برقم 310 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r ذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ:" لَعَلَّهُ
تَنْفَعُهُ شفاعتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ
يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ ".
قال
النوويُّ - رحمه اللهُ - :
قَوْله r : ( أَهْوَن
أَهْل النَّار عَذَابًا مَنْ لَهُ نَعْلَانِ وَشِرَاكَانِ مِنْ نَار يَغْلِي
مِنْهُمَا دِمَاغه كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَل )
أَمَّا (
الشِّرَاك ) فَبِكَسْرِ الشِّين وَهُوَ أَحَد سُيُور النَّعْل، وَهُوَ الَّذِي
يَكُون عَلَى وَجْههَا وَعَلَى ظَهْر الْقَدَم. وَالْغَلَيَان مَعْرُوف وَهُوَ
شِدَّة اِضْطِرَاب الْمَاء وَنَحْوه عَلَى النَّار لِشِدَّةِ اِتِّقَادهَا ،
يُقَال : غَلَتْ الْقِدْر تَغْلِي غَلْيًا وَغَلَيَانًا وَأَغْلَيْتهَا أَنَا .
وَأَمَّا ( الْمِرْجَل ) فَبِكَسْرِ الْمِيم وَفَتْح الْجِيم وَهُوَ قِدْر
مَعْرُوف سَوَاء كَانَ مِنْ حَدِيد أَوْ نُحَاس أَوْ حِجَارَة أَوْ خَزَف ، هَذَا
هُوَ الْأَصَحُّ ، وَقَالَ صَاحِب ( الْمَطَالِع ) : وَقِيلَ : هُوَ الْقِدْر مِنْ
النُّحَاس يَعْنِي خَاصَّة ، وَالْأَوَّل أَعْرَف وَالْمِيم فِيهِ زَائِدَة .
وَفِي هَذَا الْحَدِيث وَمَا أَشْبَهَهُ تَصْرِيح بِتَفَاوُتِ عَذَاب أَهْل
النَّار كَمَا أَنَّ نَعِيمَ أَهْل الْجَنَّة مُتَفَاوِت . وَاَللَّه أَعْلَم . أهـ
2- صحيح مسلم برقم
35 عن سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ r فَوَجَدَ
عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ r:"
يَا عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ
فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ ،وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ
عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ r يَعْرِضُهَا
عَلَيْهِ وَيُعِيدُ لَهُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا
كَلَّمَهُمْ : هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لَا
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:" أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ
لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ I : ] مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ
آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ
مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [
وَأَنْزَلَ اللَّهُ I فِي أَبِي
طَالِبٍ فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ r : ] إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ
وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [.
3-
تفسير قولهI : ]مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ
أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ
مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [ (
التوبة 113 ).
جاء
في الجلالين : ونزل في استغفاره
r لعمِّه أبي طالب واستغفار بعض الصحابة لأبويه المشركين { مَا كَانَ
للنَّبِيِّ والذين آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِى
قربى } ذوي قرابة { مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أصحاب الجحيم } النار
، بأن ماتوا على الكفر. أهـ
وقال
بعضُ المفسرين :نزلت في أمه لما استغفر لها ،والله أعلم .
وبالجملة نعتقد أنهم جميعًا ماتوا على
الشرك ، وليس هم فقط بل هناك أيضًا أبو جهل ، وأبو لهب....
فإن
قيل :قد ذهب السيوطي –رحمه الله- وغيره إلى نجاةِ
أبوي الرسول r، وأن الله تعالى أحياهما له بعد موتهما وآمنوا به...!
قلتُ:إن
القول أنكره عامةُ العلماء
، وحكموا بأن الأحاديث الواردة في ذلك الشأن موضوعة أو ضعيفة جداً .
دليل ذلك فيما يلي:
دليل ذلك فيما يلي:
1- قال صاحب عون المعبود (ج/10 ص 236 )
"وَكُلّ مَا وَرَدَ بِإِحْيَاءِ وَالِدَيْهِ r وَإِيمَانهمَا وَنَجَاتهمَا أَكْثَره مَوْضُوع مَكْذُوب مُفْتَرًى , وَبَعْضه ضَعِيف جِدًّا لا يَصِحّ بِحَالٍ لاتِّفَاقِ أَئِمَّة الْحَدِيث عَلَى وَضْعه كَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْجَوْزَقَانِيّ وَابْن شَاهِين وَالْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر وَابْن نَاصِر وَابْن الْجَوْزِيّ وَالسُّهَيْلِيّ وَالْقُرْطُبِيّ وَالْمُحِبّ الطَّبَرِيّ وَفَتْح الدِّين بْن سَيِّد النَّاس وَإِبْرَاهِيم الْحَلَبِيّ وَجَمَاعَة . وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَام فِي عَدَم نَجَاة الْوَالِدَيْنِ الْعَلامَة إِبْرَاهِيم الْحَلَبِيّ فِي رِسَالَة مُسْتَقِلَّة , وَالْعَلامَة عَلِيّ الْقَارِي فِي شَرْح الْفِقْه الأَكْبَر وَفِي رِسَالَة مُسْتَقِلَّة , وَيَشْهَد لِصِحَّةِ هَذَا الْمَسْلَك هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح (يعني حديث : إن أبي وأباك في النار) وَالشَّيْخ جَلال الدِّين السُّيُوطِيّ قَدْ خَالَفَ الْحَفاظ وَالْعُلَمَاء الْمُحَقِّقِينَ وَأَثْبَتَ لَهُمَا الإِيمَان وَالنَّجَاة فَصَنَّفَ الرَّسَائِل الْعَدِيدَة فِي ذَلِكَ ، مِنْهَا رِسَالَة التَّعْظِيم وَالْمِنَّة فِي أَنَّ أَبَوَيْ رَسُول اللَّه r فِي الْجَنَّة" أهـ .
2- مجموع الفتاوى لابن تيمية- رحمه الله- (ج4/324 ):
سُئِلَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - :
"وَكُلّ مَا وَرَدَ بِإِحْيَاءِ وَالِدَيْهِ r وَإِيمَانهمَا وَنَجَاتهمَا أَكْثَره مَوْضُوع مَكْذُوب مُفْتَرًى , وَبَعْضه ضَعِيف جِدًّا لا يَصِحّ بِحَالٍ لاتِّفَاقِ أَئِمَّة الْحَدِيث عَلَى وَضْعه كَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْجَوْزَقَانِيّ وَابْن شَاهِين وَالْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر وَابْن نَاصِر وَابْن الْجَوْزِيّ وَالسُّهَيْلِيّ وَالْقُرْطُبِيّ وَالْمُحِبّ الطَّبَرِيّ وَفَتْح الدِّين بْن سَيِّد النَّاس وَإِبْرَاهِيم الْحَلَبِيّ وَجَمَاعَة . وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَام فِي عَدَم نَجَاة الْوَالِدَيْنِ الْعَلامَة إِبْرَاهِيم الْحَلَبِيّ فِي رِسَالَة مُسْتَقِلَّة , وَالْعَلامَة عَلِيّ الْقَارِي فِي شَرْح الْفِقْه الأَكْبَر وَفِي رِسَالَة مُسْتَقِلَّة , وَيَشْهَد لِصِحَّةِ هَذَا الْمَسْلَك هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح (يعني حديث : إن أبي وأباك في النار) وَالشَّيْخ جَلال الدِّين السُّيُوطِيّ قَدْ خَالَفَ الْحَفاظ وَالْعُلَمَاء الْمُحَقِّقِينَ وَأَثْبَتَ لَهُمَا الإِيمَان وَالنَّجَاة فَصَنَّفَ الرَّسَائِل الْعَدِيدَة فِي ذَلِكَ ، مِنْهَا رِسَالَة التَّعْظِيم وَالْمِنَّة فِي أَنَّ أَبَوَيْ رَسُول اللَّه r فِي الْجَنَّة" أهـ .
2- مجموع الفتاوى لابن تيمية- رحمه الله- (ج4/324 ):
سُئِلَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - :
هَلْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ rأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَحْيَا لَهُ
أَبَوَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَا عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ مَاتَا بَعْدَ ذَلِكَ ؟
فَأَجَابَ :
لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ ؛ بَلْ أَهْلُ
الْمَعْرِفَةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ
رَوَى فِي ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ - يَعْنِي الْخَطِيبَ - فِي كِتَابِهِ " السَّابِقِ
وَاللَّاحِقِ " وَذَكَرَهُ أَبُو الْقَاسِمِ السهيلي فِي " شَرْحِ السِّيرَةِ
" بِإِسْنَادِ فِيهِ مَجَاهِيلُ وَذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ
فِي " التَّذْكِرَةِ " وَأَمْثَالِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَلَا نِزَاعَ بَيْنَ
أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ مِنْ أَظْهَر الْمَوْضُوعَاتِ كَذِبًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ
أَهْلُ الْعِلْمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ فِي الْحَدِيثِ ؛
لَا فِي الصَّحِيحِ وَلَا فِي السُّنَنِ وَلَا فِي الْمَسَانِيدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ
كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفَةِ وَلَا ذَكَرَهُ أَهْلُ كُتُبِ الْمَغَازِي وَالتَّفْسِيرِ
وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَرْوُونَ الضَّعِيفَ مَعَ الصَّحِيحِ . لِأَنَّ ظُهُورَ كَذِبِ
ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَى مُتَدَيِّنٍ فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا لَوْ وَقَعَ لَكَانَ مِمَّا
تَتَوَافَرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ فَإِنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْأُمُورِ
خَرْقًا لِلْعَادَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ : مِنْ جِهَةِ إحْيَاءِ الْمَوْتَى : وَمِنْ جِهَةِ
الْإِيمَانِ بَعْدَ الْمَوْتِ . فَكَانَ نَقْلُ مِثْلِ هَذَا أَوْلَى مِنْ نَقْلِ غَيْرِهِ
فَلَمَّا لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ الثِّقَاتِ عُلِمَ أَنَّهُ كَذِبٌ . وَالْخَطِيبُ
الْبَغْدَادِيُّ هُوَ فِي كِتَابِ " السَّابِقِ وَاللَّاحِقِ " مَقْصُودُهُ
أَنْ يَذْكُرَ مَنْ تَقَدَّمَ وَمَنْ تَأَخَّرَ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ
سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي يَرْوُونَهُ صِدْقًا أَوْ كَذِبًا وَابْنُ شَاهِينَ يَرْوِي
الْغَثَّ وَالسَّمِينَ . والسهيلي إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بِإِسْنَادِ فِيهِ مَجَاهِيلُ
. ثُمَّ هَذَا خِلَافُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَالْإِجْمَاعِ . قَالَ
اللَّهُ تَعَالَى : { إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ
بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } { وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ
السَّيِّئَاتِ حَتَّى إذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إنِّي تُبْتُ الْآنَ
وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ } . فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَّهُ
لَا تَوْبَةَ لِمَنْ مَاتَ كَافِرًا . وَقَالَ تَعَالَى : { فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ
إيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ
وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ } فَأَخْبَرَ أَنَّ سُنَّتَهُ فِي عِبَادِهِ أَنَّهُ
لَا يَنْفَعُ الْإِيمَانُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْبَأْسِ ؛ فَكَيْفَ بَعْدَ الْمَوْتِ ؟
وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ : " { أَنَّ رَجُلًا
قَالَ لِلنَّبِيِّ rأَيْنَ أَبِي ؟ قَالَ : إنَّ أَبَاك فِي النَّارِ
. فَلَمَّا أَدْبَرَ دَعَاهُ فَقَالَ : إنَّ أَبِي وَأَبَاك فِي النَّارِ } "
. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ : " { اسْتَأْذَنْت رَبِّي أَنْ
أَزُورَ قَبْرَ أُمِّي فَأَذِنَ لِي وَاسْتَأْذَنْته فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ
يَأْذَنْ لِي . فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ } " . وَفِي
الْحَدِيثِ الَّذِي فِي الْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ قَالَ : " { إنَّ أُمِّي مَعَ
أُمِّك فِي النَّارِ } " فَإِنْ قِيلَ : هَذَا فِي عَامِ الْفَتْحِ وَالْإِحْيَاءِ
كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلِهَذَا ذَكَرَ ذَلِكَ مَنْ ذَكَرَهُ
وَبِهَذَا اعْتَذَرَ صَاحِبُ التَّذْكِرَةِ وَهَذَا بَاطِلٌ لِوُجُوهِ : - ( الْأَوَّلُ
: إنَّ الْخَبَرَ عَمَّا كَانَ وَيَكُونُ لَا يَدْخُلُهُ نَسْخٌ كَقَوْلِهِ فِي أَبِي
لَهَبٍ : { سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ } وَكَقَوْلِهِ فِي الْوَلِيدِ : { سَأُرْهِقُهُ
صَعُودًا } . وَكَذَلِكَ فِي : " { إنَّ أَبِي وَأَبَاك فِي النَّارِ }
" وَ " { إنَّ أُمِّي وَأُمَّك فِي النَّارِ } " وَهَذَا لَيْسَ خَبَرًا
عَنْ نَارٍ يَخْرُجُ مِنْهَا صَاحِبُهَا كَأَهْلِ الْكَبَائِرِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ
كَذَلِكَ لَجَازَ الِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا وَلَوْ كَانَ قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ
إيمَانُهُمَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْأَعْمَالَ بِالْخَوَاتِيمِ وَمَنْ
مَاتَ مُؤْمِنًا فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لَهُ فَلَا يَكُونُ الِاسْتِغْفَارُ لَهُ
مُمْتَنِعًا . ( الثَّانِي : أَنَّ النَّبِيَّ rزَارَ قَبْرَ أُمِّهِ لِأَنَّهَا كَانَتْ بِطَرِيقِهِ
" بِالْحَجُونِ " عِنْدَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَأَمَّا أَبُوهُ فَلَمْ
يَكُنْ هُنَاكَ وَلَمْ يَزُرْهُ إذْ كَانَ مَدْفُونًا بِالشَّامِ فِي غَيْرِ طَرِيقِهِ
فَكَيْفَ يُقَالُ : أُحْيِيَ لَهُ ؟ . ( الثَّالِثُ : إنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُؤْمِنَيْنِ
إيمَانًا يَنْفَعُ كَانَا أَحَقّ بِالشُّهْرَةِ وَالذِّكْرِ مِنْ عَمَّيْهِ : حَمْزَةَ
وَالْعَبَّاسِ ؛ وَهَذَا أَبْعَد مِمَّا يَقُولُهُ الْجُهَّالُ مِنْ الرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ.أهـ
وعليه
فإن ما سبق بيانٌ عمليٌّ لقولِهI : ] لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3 ) [
(الممتحنة).
السؤال الذي ينبغي أن يُسأل هو:
ما ذنب النَّبِيِّ
r في أن أقاربَه في النارِ؟! هل هذه معصية ارتكبهاr ....؟!
ثالثًا: إن هناك سؤالاً يطرح نفسه هو:هل موت
أقارب النَّبِيِّ
rعلى
الشرك يقدح في نبوةِ نبيِّنا r ؟
الجواب : إن هذا الأمر
لا يقدح في نبوته قط ؛ لأننا وجدنا بعضَ الأنبياءِ مات آباؤهم على الشرك ، وأبناؤهم
وأزواجهم .... فعلى سبيل المثال لا الحصر جاء إلينا ما يلي:
1-
إبراهيم u كان أباه كان مشركًا ، وعدوًا
للهِ ، ولم يقدح أحدٌ في نبوته مطلقًا ... قالI : ] مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ
وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ
الْجَحِيمِ (113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ
وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) [ (التوبة) .
جاء في تفسير الجلالين :{ وَمَا كَانَ استغفار
إبراهيم لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ } بقوله : { سأستغفر لك
ربِّي } رجاء أن يُسلم { فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ } بموته
على الكفر { تَبَرَّأَ مِنْهُ } وترك الاستغفار له { إِنَّ إبراهيم لأَوَّاهٌ } كثير
التضرع والدعاء { غَفُورٌ حَلِيمٌ } صبور على الأذى. أهـ
الملاحظ
أن أبا إبراهيمَ u كان مشركًا عدوًا للهِI ....
وأتساءل:
لماذا لم يقدح المعترضون في نبوةِ إبراهيمَ u كما فعلوا مع محمدٍr ... ؟!
2- نوح u مات ابنُه على الكفر
، ولم يقدح أحدٌ في نبوةِ نوحٍu ..وذلك
لما نادى نوحٌ علي ابنِه حتى يركب معه في السفينة ، ولا يغرق مع الكافرين فلم
يمتثل الابن له قائلاً : " سَآوِي
إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ
اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ " فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ الهالكين .
وقد وعدهI بنجاة أهلِه (المؤمنين من
قومِه ) فكلم نوحٌ u ربَّهI قائلاً : ] رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ
أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ
وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ]45[ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ
أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ
عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ] 46[ [ (هود).
جاء في تفسير الجلالين: { قَالَ }
تعالى { يا نوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } الناجين أو من أهل دينك { إِنَّهُ
} أي سؤالك إِياي بنجاته { عَمَلٌ غَيْرُ صالح } فإِنه كافر ولا نجاة للكافرين ، وفي
قراءة بكسر ميم «عَمِل» فعل ، ونصب «غَيْر» فالضمير لابنه { فَلاَ تَسْأَلْنِ
} بالتشديد والتخفيف { مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } من إنجاء ابنك { إِنِّي أَعِظُكَ
أَن تَكُونَ مِنَ الجاهلين } بسؤالك ما لم تعلم . أهـ
وأتساءل:
لماذا لم يقدح المعترضون في نبوةِ نوحٍ u كما
فعلوا مع محمدٍr ؟
3- لوط u ماتت زوجته على الكفر كما
كان من زوجةِ نوح ، ولم يقدح أحدٌ قطُ في نبوةِ النبيين
- عليهما السلام - ، قال I : ]ضَرَبَ اللَّهُ
مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا
تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا
عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ
[ (التحريم10).
جاء في
التفسير الميسر : ضرب اللهُ
مثلا لحال الكفرة - في مخالطتهم المسلمين وقربهم منهم ومعاشرتهم لهم, وأن ذلك لا
ينفعهم لكفرهم بالله- بحال زوجة نبي الله نوح, وزوجة نبي الله لوط: حيث كانتا في
عصمة عبدَين من عبادنا صالحين, فوقعت منهما الخيانة لهما في الدين, فقد كانتا
كافرتين, فلم يدفع هذان الرسولان عن زوجتيهما من عذاب الله شيئًا, وقيل للزوجتين:
ادخلا النار مع الداخلين فيها. وفي ضرب هذا المثل دليل على أن القرب من الأنبياء,
والصالحين, لا يفيد شيئا مع العمل السيِّئ. أهـ
رابعًا: إن الكتابَ المقدس يذكر
لنا أن زوجات ، وأبناء أنبياء
على الشركِ
، وأهلكهم اللهُI ... مع
العلم أن الكتابَ
المقدس لم يصف لنا أحوال كل
آباء ، وأبناء ، وأمهات
، وزوجات كثير من الأنبياءِ
، هل كانوا
على الشركِ
أم الإيمان ؟ فعلي سبيل المثال لا الحصر جاء فيه ما يلي:
1- يذكر سفرُ التكوين
أن زوجةَ لوطu أهُلكت
بسببِ كفرِها ؛ لأنها صنعت الشرَ في عيني الربِّ ...
وذلك في الإصحاحِ
19 عدد 23وَإِذْ أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ عَلَى الأَرْضِ دَخَلَ
لُوطٌ إِلَى صُوغَرَ، 24فَأَمْطَرَ الرَّبُّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ
كِبْرِيتًا وَنَارًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ. 25وَقَلَبَ
تِلْكَ الْمُدُنَ، وَكُلَّ الدَّائِرَةِ، وَجَمِيعَ سُكَّانِ الْمُدُنِ،
وَنَبَاتَِ الأَرْضِ. 26وَنَظَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنْ وَرَائِهِ
فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْحٍ.
2- يذكر سفر الملوك الأول أن سليمانَ بن نبيِّ الله داودَu
كفر في آخر حياته ،عبد العشتاروت
...وأن اللهَ عاقبه بنزع المُلك من بعده إكرمًا لأبيه الصالح داود u....وأنه لم
يغفر له الربُّ ؛لأنه لم يتب لذلك سخر الربُّ له أعداءًا..... وذلك في الإصحاح 11 عدد 1وَأَحَبَّ
الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ نِسَاءً غَرِيبَةً كَثِيرَةً مَعَ بِنْتِ فِرْعَوْنَ: مُوآبِيَّاتٍ
وَعَمُّونِيَّاتٍ وَأَدُومِيَّاتٍ وَصِيدُونِيَّاتٍ وَحِثِّيَّاتٍ 2مِنَ
الأُمَمِ الَّذِينَ قَالَ عَنْهُمُ الرَّبُّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: «لاَ
تَدْخُلُونَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ لاَ يَدْخُلُونَ إِلَيْكُمْ، لأَنَّهُمْ يُمِيلُونَ
قُلُوبَكُمْ وَرَاءَ آلِهَتِهِمْ». فَالْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهؤُلاَءِ
بِالْمَحَبَّةِ. 3وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ
السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ، فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ
قَلْبَهُ. 4وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ
نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ
كَامِلاً مَعَ الرَّبِّ إِلهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ. 5فَذَهَبَ
سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلهَةِ الصِّيدُونِيِّينَ، وَمَلْكُومَ رِجْسِ
الْعَمُّونِيِّينَ. 6وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ
الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبَعِ الرَّبَّ تَمَامًا كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 7حِينَئِذٍ
بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ
الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ. 8وَهكَذَا
فَعَلَ لِجَمِيعِ نِسَائِهِ الْغَرِيبَاتِ اللَّوَاتِي كُنَّ يُوقِدْنَ
وَيَذْبَحْنَ لآلِهَتِهِنَّ. 9فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ
لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَرَاءَى لَهُ
مَرَّتَيْنِ، 10وَأَوْصَاهُ فِي هذَا الأَمْرِ أَنْ لاَ يَتَّبعَ
آلِهَةً أُخْرَى، فَلَمْ يَحْفَظْ مَا أَوْصَى بِهِ الرَّبُّ. 11فَقَالَ
الرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذلِكَ عِنْدَكَ، وَلَمْ تَحْفَظْ
عَهْدِي وَفَرَائِضِيَ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ بِهَا، فَإِنِّي أُمَزِّقُ
الْمَمْلَكَةَ عَنْكَ تَمْزِيقًا وَأُعْطِيهَا لِعَبْدِكَ. 12إِلاَّ
إِنِّي لاَ أَفْعَلُ ذلِكَ فِي أَيَّامِكَ، مِنْ أَجْلِ دَاوُدَ أَبِيكَ، بَلْ
مِنْ يَدِ ابْنِكَ أُمَزِّقُهَا. 13عَلَى أَنِّي لاَ أُمَزِّقُ مِنْكَ
الْمَمْلَكَةَ كُلَّهَا، بَلْ أُعْطِي سِبْطًا وَاحِدًا لابْنِكَ، لأَجْلِ دَاوُدَ
عَبْدِي، وَلأَجْلِ أُورُشَلِيمَ الَّتِي اخْتَرْتُهَا».
14وَأَقَامَ الرَّبُّ خَصْمًا لِسُلَيْمَانَ: هَدَدَ الأَدُومِيَّ،
كَانَ مِنْ نَسْلِ الْمَلِكِ فِي أَدُومَ. 15وَحَدَثَ لَمَّا كَانَ
دَاوُدُ فِي أَدُومَ، عِنْدَ صُعُودِ يُوآبَ رَئِيسِ الْجَيْشِ لِدَفْنِ الْقَتْلَى،
وَضَرَبَ كُلَّ ذَكَرٍ فِي أَدُومَ. 16لأَنَّ يُوآبَ وَكُلَّ
إِسْرَائِيلَ أَقَامُوا هُنَاكَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى أَفْنَوْا كُلَّ ذَكَرٍ
فِي أَدُومَ. 17أَنَّ هَدَدَ هَرَبَ هُوَ وَرِجَالٌ أَدُومِيُّونَ مِنْ
عَبِيدِ أَبِيهِ مَعَهُ لِيَأْتُوا مِصْرَ. وَكَانَ هَدَدُ غُلاَمًا صَغِيرًا. 18وَقَامُوا
مِنْ مِدْيَانَ وَأَتَوْا إِلَى فَارَانَ، وَأَخَذُوا مَعَهُمْ رِجَالاً مِنْ
فَارَانَ وَأَتَوْا إِلَى مِصْرَ، إِلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، فَأَعْطَاهُ
بَيْتًا وَعَيَّنَ لَهُ طَعَامًا وَأَعْطَاهُ أَرْضًا. 19فَوَجَدَ
هَدَدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ جِدًّا، وَزَوَّجَهُ أُخْتَ امْرَأَتِهِ،
أُخْتَ تَحْفَنِيسَ الْمَلِكَةِ. 20فَوَلَدَتْ لَهُ أُخْتُ تَحْفَنِيسَ
جَنُوبَثَ ابْنَهُ، وَفَطَمَتْهُ تَحْفَنِيسُ فِي وَسَطِ بَيْتِ فِرْعَوْنَ.
وَكَانَ جَنُوبَثُ فِي بَيْتِ فِرْعَوْنَ بَيْنَ بَنِي فِرْعَوْنَ. 21فَسَمِعَ
هَدَدُ فِي مِصْرَ بِأَنَّ دَاوُدَ قَدِ اضْطَجَعَ مَعَ آبَائِهِ، وَبِأَنَّ
يُوآبَ رَئِيسَ الْجَيْشِ قَدْ مَاتَ. فَقَالَ هَدَدُ لِفِرْعَوْنَ: «أَطْلِقْنِي
إِلَى أَرْضِي». 22فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ: «مَاذَا أَعْوَزَكَ
عِنْدِي حَتَّى إِنَّكَ تَطْلُبُ الذَّهَابَ إِلَى أَرْضِكَ؟» فَقَالَ: «لاَ
شَيْءَ، وَإِنَّمَا أَطْلِقْنِي».23وَأَقَامَ اللهُ لَهُ خَصْمًا
آخَرَ: رَزُونَ بْنَ أَلِيدَاعَ، الَّذِي هَرَبَ مِنْ عِنْدِ سَيِّدِهِ هَدَدَ
عَزَرَ مَلِكِ صُوبَةَ، 24فَجَمَعَ إِلَيْهِ رِجَالاً فَصَارَ رَئِيسَ
غُزَاةٍ عِنْدَ قَتْلِ دَاوُدَ إِيَّاهُمْ، فَانْطَلَقُوا إِلَى دِمَشْقَ
وَأَقَامُوا بِهَا وَمَلَكُوا فِي دِمَشْقَ. 25وَكَانَ خَصْمًا
لإِسْرَائِيلَ كُلَّ أَيَّامِ سُلَيْمَانَ، مَعَ شَرِّ هَدَدَ. فَكَرِهَ
إِسْرَائِيلَ، وَمَلَكَ عَلَى أَرَامَ.
26وَيَرُبْعَامُ بْنُ نَابَاطَ، أَفْرَايِمِيٌّ مِنْ صَرَدَةَ، عَبْدٌ
لِسُلَيْمَانَ. وَاسْمُ أُمِّهِ صَرُوعَةُ، وَهِيَ امْرأَةٌ أَرْمَلَةٌ، رَفَعَ
يَدَهُ عَلَى الْمَلِكِ. 27وَهذَا هُوَ سَبَبُ رَفْعِهِ يَدَهُ عَلَى
الْمَلِكِ: أَنَّ سُلَيْمَانَ بَنَى الْقَلْعَةَ وَسَدَّ شُقُوقَ مَدِينَةِ
دَاوُدَ أَبِيهِ. 28وَكَانَ الرَّجُلُ يَرُبْعَامُ جَبَّارَ بَأْسٍ،
فَلَمَّا رَأَى سُلَيْمَانُ الْغُلاَمَ أَنَّهُ عَامِلٌ شُغْلاً، أَقَامَهُ عَلَى
كُلِّ أَعْمَالِ بَيْتِ يُوسُفَ. 29وَكَانَ فِي ذلِكَ الزَّمَانِ لَمَّا
خَرَجَ يَرُبْعَامُ مِنْ أُورُشَلِيمَ، أَنَّهُ لاَقَاهُ أَخِيَّا الشِّيلُونِيُّ
النَّبِيُّ فِي الطَّرِيقِ وَهُوَ لاَبِسٌ رِدَاءً جَدِيدًا، وَهُمَا وَحْدَهُمَا
فِي الْحَقْلِ. 30فَقَبَضَ أَخِيَّا عَلَى الرِّدَاءِ الْجَدِيدِ
الَّذِي عَلَيْهِ وَمَزَّقَهُ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ قِطْعَةً 31وَقَالَ
لِيَرُبْعَامَ: «خُذْ لِنَفْسِكَ عَشَرَ قِطَعٍ، لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ
إِلهُ إِسْرَائِيلَ: هأَنَذَا أُمَزِّقُ الْمَمْلَكَةَ مِنْ يَدِ سُلَيْمَانَ
وَأُعْطِيكَ عَشَرَةَ أَسْبَاطٍ. 32وَيَكُونُ لَهُ سِبْطٌ
وَاحِدٌ مِنْ أَجْلِ عَبْدِي دَاوُدَ وَمِنْ أَجْلِ أُورُشَلِيمَ الْمَدِينَةِ
الَّتِي اخْتَرْتُهَا مِنْ كُلِّ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، 33لأَنَّهُمْ
تَرَكُونِي وَسَجَدُوا لِعَشْتُورَثَ إِلهَةِ الصِّيدُونِيِّينَ، وَلِكَمُوشَ
إِلهِ الْمُوآبِيِّينَ، وَلِمَلْكُومَ إِلهِ بَنِي عَمُّونَ، وَلَمْ يَسْلُكُوا
فِي طُرُقِي لِيَعْمَلُوا الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيَّ وَفَرَائِضِي وَأَحْكَامِي
كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 34وَلاَ آخُذُ كُلَّ الْمَمْلَكَةِ مِنْ يَدِهِ،
بَلْ أُصَيِّرُهُ رَئِيسًا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ لأَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي
الَّذِي اخْتَرْتُهُ الَّذِي حَفِظَ وَصَايَايَ وَفَرَائِضِي. 35وَآخُذُ
الْمَمْلَكَةَ مِنْ يَدِ ابْنِهِ وَأُعْطِيكَ إِيَّاهَا، أَيِ الأَسْبَاطَ
الْعَشَرَةَ. 36وَأُعْطِي ابْنَهُ سِبْطًا وَاحِدًا، لِيَكُونَ سِرَاجٌ
لِدَاوُدَ عَبْدِي كُلَّ الأَيَّامِ أَمَامِي فِي أُورُشَلِيمَ الْمَدِينَةِ
الَّتِي اخْتَرْتُهَا لِنَفْسِي لأَضَعَ اسْمِي فِيهَا. 37وَآخُذُكَ
فَتَمْلِكُ حَسَبَ كُلِّ مَا تَشْتَهِي نَفْسُكَ، وَتَكُونُ مَلِكًا عَلَى
إِسْرَائِيلَ. 38فَإِذَا سَمِعْتَ لِكُلِّ مَا أُوصِيكَ بِهِ،
وَسَلَكْتَ فِي طُرُقِي، وَفَعَلْتَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيَّ،
وَحَفِظْتَ فَرَائِضِي وَوَصَايَايَ كَمَا فَعَلَ دَاوُدُ عَبْدِي، أَكُونُ مَعَكَ
وَأَبْنِي لَكَ بَيْتًا آمِنًا كَمَا بَنَيْتُ لِدَاوُدَ، وَأُعْطِيكَ
إِسْرَائِيلَ. 39وَأُذِلُّ نَسْلَ دَاوُدَ مِنْ أَجْلِ هذَا، وَلكِنْ
لاَ كُلَّ الأَيَّامِ».40وَطَلَبَ سُلَيْمَانُ قَتْلَ يَرُبْعَامَ،
فَقَامَ يَرُبْعَامُ وَهَرَبَ إِلَى مِصْرَ إِلَى شِيشَقَ مَلِكِ مِصْرَ. وَكَانَ
فِي مِصْرَ إِلَى وَفَاةِ سُلَيْمَانَ. 41وَبَقِيَّةُ أُمُورِ
سُلَيْمَانَ وَكُلُّ مَا صَنَعَ وَحِكْمَتُهُ أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ
أُمُورِ سُلَيْمَانَ؟ 42وَكَانَتِ الأَيَّامُ الَّتِي مَلَكَ فِيهَا
سُلَيْمَانُ فِي أُورُشَلِيمَ عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. 43ثُمَّ
اضْطَجَعَ سُلَيْمَانُ مَعَ آبَائِهِ وَدُفِنَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ أَبِيهِ،
وَمَلَكَ رَحُبْعَامُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. لا تعليق
!
3- يذكر يوحنا في إنجيلِه أن إخوة يسوع لم يكونوا يؤمنون به
.... وذلك في الإصحاح 7 عدد 3فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ:«انْتَقِلْ مِنْ
هُنَا وَاذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، لِكَيْ يَرَى تَلاَمِيذُكَ أَيْضًا
أَعْمَالَكَ الَّتِي تَعْمَلُ، 4لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْمَلُ
شَيْئًا فِي الْخَفَاءِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ عَلاَنِيَةً. إِنْ كُنْتَ
تَعْمَلُ هذِهِ الأَشْيَاءَ فَأَظْهِرْ نَفْسَكَ لِلْعَالَمِ». 5لأَنَّ
إِخْوَتَهُ أَيْضًا لَمْ يَكُونُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ.
4- يذكر لوقا في
إنجيِله أن أمَ يسوع وأخواتَه لم يؤمنوا به ...
وذلك
في الإصحاح8
عدد19وَجَاءَ
إِلَيْهِ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ، وَلَمْ
يَقْدِرُوا أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهِ لِسَبَبِ الْجَمْعِ. 20فَأَخْبَرُوهُ
قَائِلِينَ:«أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجًا
، يُرِيدُونَ أَنْ يَرَوْكَ». 21فَأَجَابَ
وَقَالَ لَهُمْ:«أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ
وَيَعْمَلُونَ بِهَا». لا تعليق!
ويبقى
السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل كفر أقاربُ النبيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد دخولهم
الإسلام في حياته ثم ارتدوا ،أم أنه كانوا كفارًا
من الأساس، ومنهم من لم يرى النبيَّ- صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كي يؤمن به مثل أمه وأبيه..... وهذا بخلاف أهلِ بعضِ
أنبياءِ الكتاب المقدس فإنهم كفروا بهم
بعد دخولهم دينهم.... كما كان من سليمان الذي كفر بدين أبيه داود- عليه السلام -
بعد أن اعتنقه....؟!
من كتابات فضيلة الشيخ - أكرم حسن مرسي
من دعاه الجمعية الشرعية
بالجيزة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يشرفنى اضافة تعليقك على الموضوع سواء نقد او شكر